أثارت الجملة التي قالها وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية الجديدة د. محمد إبراهيم سليمان في حواره مؤخراً ل "الأهرام" إن قطاع المقاولات في مصر توحش ولابد من فرملته العديد من تعليقات العاملين والخبراء بسوق المقاولات. وسألوا أين التوحش الذي يتحدث عنه الوزير في ظل الركود وعمليات الأمر المباشر التي تحجب مشروعات ضخمة عن القطاع الخاص وكذلك عقود الإذعان التي لا تنصف العاملين في تلك السوق وأيضاً عدم حصول المقاولين علي حقوقهم. وطالبوا برفع الحراسة عن نقابة المهندسين كي تستطيع تنظيم سوق المقاولات باعتبارها المسئولة هي ومنظمات أخري عن ذلك وليست وزارة الإسكان التي تشرف فقط علي "المقاولون العرب". في البداية يوضح المهندس صلاح حجاب الاستشاري بمكتب صبور للاستشارات الهندسية أن سوق المقاولات بمصر يقع في نطاق اختصاص الاتحاد المصري لمقاولي البناء والتشييد والذي يشترط علي من يعمل في هذا القطاع أن يسجل اسمه في الاتحاد وهو المختص بوضع لوائح لتنظيم عمل مهنة المقاولات. واضاف ان الاستشارات الهندسية لها قانون ينظمها وتشرف عليه نقابة المهندسين مشيراً إلي أن المهنيين والحرفيين الذين يعملون في قطاع البناء يتبعون غرفاً في اتحاد العمال تنظم عملهم. ويستطرد صلاح حجاب فيوضح ان قطاع المقاولات يمثله اتحاد المقاولات وهو اتحاد نوعي كان يتبع وزارة قطاع الأعمال والآن أصبح تابعاً لوزارة الاستثمار، أما ما يتبع وزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية فهي شركة "المقاولون العرب" باعتبارها مملوكة تماماً للدولة. ويضيف ان هناك مجلس التشييد المصري الذي يجمع الاستشاريين والمقاولين وصناع مواد البناء وهو مجلس سلعي يتبع وزارة التجارة والصناعة. وأوضح حجاب ان نشاط المقاولات لا يتبع في مجمله وزارة الإسكان بل يتبع العديد من المنظمات التي تتولي تنظيم تلك المهنة وتعمل علي دعمها. ويوضح المهندس أحمد السيد رئيس الاتحاد المصري للتشييد والبناء ان قطاع المقاولات منظم بالقانون 104 ونسبة الأخطاء في شركات المقاولات ضئيلة جداً. واضاف ان نشاط المقاولات يعد من أقدم الأنشطة في مصر مشيراً إلي أن الإنشاءات العظيمة التي تنفرد بها مصر هي أكبر دليل علي نجاح وتنظيم نشاط المقاولات والإنشاءات في مصر وسمعته الجيدة. لماذا السكوت؟ ويتساءل المهندس محمد الطويل رئيس مجلس إدارة إحدي شركات الاستشارات الهندسية إذا كان قطاع المقاولات قد توحش كما يدعي وزير الإسكان.. فلماذا سكتت عنه الوزارة؟ وماذا تفعل الوزارة طوال عشر سنوات؟ ولماذا لا تقوم بدورها في الحد من هذا التوحش؟ ويوضح محمد الطويل ان قطاع الاستشارات الهندسية في مصر مظلوم جداً، موضحاً أن المهندس الاستشاري لا يأخذ حقه ويضطر لقبول نسب ربح قليلة جداً، كما أن هناك مضاربة بين الاستشاريين علي خفض أتعابهم مما ينعكس في النهاية علي تدهور مستوي المباني والمشروعات عموماً. واضاف ان السبب في ذلك هو غياب دور نقابة المهندسين وهي المسئولة عن تنظيم العلاقة بين الثلاثي المختص بعملية البناء "المقاول المهندس المالك". ويطالب الطويل بوضع لوائح واضحة تنظم هذه العلاقة حتي يعرف كل طرف حقوقه وواجباته. محل بقالة ومن جانبه يقول الدكتور مجدي قرقر المهندس الاستشاري والأستاذ بكلية التخطيط العمراني جامعة القاهرة ان وضع نقابة المهندسين تحت الحراسة لأكثر من عشر سنوات وكأنها محل بقالة أو عقار عليه نزاع هو السبب الرئيسي في الفوضي التي تخيم علي قطاع البناء في مصر. ويؤكد قرقر أن قطاع المقاولات في أشد الحاجة لدور نقابة المهندسين بصفتها المسئولة عن تنظيم شئون البناء وهي التي تستطيع تصنيف المهندسين تبعاً لخبراتهم وكذلك تصنيف المكاتب من هندسية إلي استشارية ثم إلي بيوت خبرة. وأضاف أن السبب الرئيسي في الفوضي التي تخيم علي سوق البناء أيضاً هو قيام وزارة الإسكان باسناد نسبة من 80-90% من الأعمال الهندسية الحكومية بالأمر المباشر دون وضع معايير معينة يقوم علي أساسها هذا الإسناد للبعض دون البعض الآخر. أشار د. مجدي قرقر إلي أن وزير الإسكان يختار مجموعة من المكاتب الاستشارية ويكلفها بمراجعة أية رسومات خاصة بالقطاع الخاص ولا يتم الحصول علي ترخيص بناء إلا بعد موافقة المهندس والاستشاري المسجل في قوائم أجهزة المجتمعات العمرانية الجديدة والأحياء مشيراً إلي أن هذه القوائم تختار وتعتمد عن طريق الوزير شخصياً وغالباً ما يكون عملها صورياً وغير دقيق. ويتساءل د. مجدي قرقر: كيف نتحدث عن مرحلة جديدة نتجه فيها للإصلاح الشامل ويستمر الوزراء في مناصبهم لمدة تصل إلي خمسة عشر عاماً ولابد من إعطاء الفرصة للأفكار الجديدة.