لا يخفي علي أحد التوجه الجديد للحكومة الحالية برئاسة الدكتور أحمد نظيف.. كما لا يخفي توجه المجموعة الاقتصادية برئاسة الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية.. والتي تضم في عضويتها.. وزير الاستثمار الدكتور محمود محيي الدين ووزير الصناعة والتجارة الخارجية المهندس رشيد محمد رشيد ووزير السياحة أحمد المغربي. المجموعة الاقتصادية مع الاقتصاد الحر إلي آخر مدي.. ومع الانفتاح علي العالم ومع آليات السوق.. ومع عدم التدخل في تحديد أسعار السلع.. فكل سلعة يحدد سعرها قانون العرض والطلب.. ومهمة الحكومة هي فقط ضبط حركة السوق والسماح بالمنافسة ومنع الاحتكار.. بالقانون الذي انتهت بالفعل من إعداده وسيتم الدفع به إلي مجلس الشعب في بداية الدورة البرلمانية القادمة.. كما سيتم الدفع بقانون جديد للضرائب وقانون آخر للجمارك يسهل من الإجراءات الجمركية المعقدة. كل هذا مفهوم وأصبح من الوضوح لكل متابع للشأن العام.. لكنني ومن خلال متابعتي الدقيقة لتصريحات وزراء المجموعة الاقتصادية ومن خلال لقاءاتي ومقابلاتي وأحاديثي معهم.. توصلت إلي حقيقة.. أن هناك من الآليات والقوانين الحالية التي صدرت في ظل الاقتصاد المخطط وفي ظل القوانين الاشتراكية في فترة الخمسينيات والستينيات ما يعوق حركة وزراء المجموعة الاقتصادية ويقلل من اندفاعهم وطموحاتهم نحو الأهداف التي يسعون إلي تحقيقها من خلال الفكر الليبرالي الاقتصادي الذي يؤمنون به. وبدأ وزراء المجموعة الاقتصادية يدركون هذه الحقيقة أيضاً.. وتصريحاتهم عن استمرار دعم السلع الأساسية وعدم المساس بها أو الاقتراب منها والذي يصل إلي 50 مليار جنيه هو خير دليل علي ذلك.. والغريب أنهم يتحدثون عن ضرورته ويدافعون عنه بعد أن كانوا يهاجمون سياسة الدعم وينتقدونها. وبعض الوزراء أو أحدهم أخذ يدافع عن سياسة الدعم في محاولة فاشلة منه للتفريق بين استمرار الدعم كسياسة للدولة.. وبين عدم تدخل الحكومة في تحديد أسعار السلع في الأسواق.. علماً بأن النتيجة واحدة في الحالتين. نعم مطلوب حماية المستهلك في النهاية.. ومطلوب من الحكومة إعداد تشريع يحمي المستهلك.. في مواجهة قانون السماح بالمنافسة ومنع احتكار السلع والذي صدر لحماية المنتج أساساً.. ومثل هذا القانون حماية المستهلك قائم في أعتي الدول رأسمالية في العالم. إن استمرار الدعم يعني تدخل الحكومة في تحديد أسعار السلع والحفاظ علي أسعارها.. ومن ناحية أخري فالآليات التي تعمل بها المجموعة الاقتصادية حتي بعد صدور قوانين المنافسة ومنح الاحتكار وقانون الضرائب وقانون الجمارك.. ستظل آليات اشتراكية.. أي إن الحكومة تفكر بآليات السوق بينما الأدوات التي في أيدي وزراء المجموعة الاقتصادية لا تمكنهم من تنفيذ تلك الأفكار بل ضدها وهي معادلة صعبة وحلها يحتاج إلي وقت طويل. كما يدرك وزراء المجموعة الاقتصادية ان هناك حاجة إلي تعديل البنية التشريعية الاقتصادية بالكامل.. لوضع آليات جديدة تساعدهم علي تنفيذ الأفكار والمشروعات والسياسات التي تحقق أحلامهم وطموحاتهم وهي كبيرة.. لكنها تصطدم بالواقع ولهذا بدأت أحاديثهم وتصريحاتهم بأحلام كبيرة من نوعية: زيادة صادراتنا إلي السوق العربية من مليار دولار سنوياً إلي عشرة مليارات دولار.. وزيادة حجم صادراتنا إلي السوق الأوروبية من ثلاثة مليارات دولار سنوياً إلي 24 مليار دولار. هذه أحلام وزير الصناعة والتجارة الخارجية رشيد محمد رشيد.. بينما هو أول من يدرك أن قدرة المنتج المصري علي المنافسة ضعيفة وستظل ضعيفة أمام المنافسة الخارجية القوية.. وأمام فتح الباب علي مصراعيه في السوق العالمي وبعد التطبيق الكامل لاتفاقية الجات علي مصر في أوائل 2005.