مع مطلع العام الجديد 2013 تحسنت مؤشرات المركز المالي والاقتصادي الذي تعانيه أوروبا ودول اليورو صحيح أن هذا التحسن كان طفيفا ولكنه كان ملحوظاً خصوصا في دول الأطراف الأوروبية الأشد تأزما ففي يوم 10 يناير هبط سعر الفائدة علي السندات العشرية التي تصدرها الحكومة الاسبانية ليصبح أقل من 5% وذلك لأول مرة منذ عام كامل ورغم سعر الفائدة قد عاد ليرتفع قليلا فإن تكلفة القروض الحكومية الاسبانية الجديدة صارت أقل نقطتين ونصف في المائة عما كانت عليه عندما بلغت المخاوف من احتمال انهيار وتمزق منطقة اليورو ذروتها في يوليو من العام الماضي وتقول أرقام بلومبرج وصندوق النقد الدولي أن التكلفة في يوليو 2012 كانت 7،5% وصارت الآن نحو 5% فقط وقد امتد هذا التعافي إلي إيطاليا أيضا فصار سعر الفائدة علي سنداتها السيادية 4% فقط بعد أن كان 6،5% في وقت الذروة السالف الذكر. وتقول مجلة ?الايكونوميست? إن هناك مقاييس ومؤشرات أخري تؤكد هذا التحسن فقد عادت كبريات بنوك أوروبا وصارت أقدر علي فطام نفسها من الدعم الذي تحصل عليه من البنك المركزي الأوروبي ECB ? الذي عاد إلي شراء السندات الاسبانية والايطالية من عدة أشهر بعد أن كان قد باع معظم مقتنياته منها أن الناس تبيع عندما تنخفض أسعار السندات كما أنها يمك أيضا أن تبيع إذا حدث العكس فإذا ظلت عوائد السندات ثابتة أو تآكلت فإنك تستطيع في كل أحوال أن تجذب المستثمرين لمواصلة اقتناء هذه السندات. والشيء الذي يتعين أن تدركه هو أن عودة الثقة في أسواق السندات إلي الظهور من جديد بعد نقطة تحول في الأزمة، ولكننا ينبغي أن نتحسب لأن بعض الاشارات الايجابية قد تكون مضللة، وهناك من يخشي أن يكون التحالف بين الحكومات المأزومة والبنوك الضعيفة قد عاد إلي سابق قوته خلال الأشهر الأخيرة فناك من سماسرة السندات من يشكون في أن جزءاً مهماً من الطلب علي سندات الدين الخاصة بالحكومتين الايطالية والاسبانية في الفترة الأخيرة كان مصدره البنوك المحلية في الدولتين. ويعتقد بنك باركليز ان اعادة رسملة البنوك الاسبانية الضعيفة قد سهل امكانية احياء هذا التحالف، ويقول أحد المستثمرين ان من النوادر التي لاحظها في اسبانيا ان أيام الاجازات تشهد توسعا في الاعلانات عندما لا يكون هناك مشترون للسندات الاسبانية، ورغم وجود علامات علي عودة المستثمرين الأجانب إلي الاهتمام بالسندات الأوروبية فإن الملاحظ ان هؤلاء المستثمرين يركزون عند الشراء علي السندات التي اقترب أجل استحقاقها لاعتقادهم بأن البنك المركزي الأوروبي يضمنها ضمن برنامجه للتحويلات النقدية غير المشروطة. وغني عن البيان انه برغم هذه التحسنات في أسواق السندات فإن الوضع الاقتصادي لايزال قائما، فالاقتصاد الألماني انكمش في الربع الأخير من 2012 والبطالة عالية جدا ومتفاقمة في دول الأطراف الأوروبية وتنذر باضطرابات اجتماعية هائلة كما أن ايطاليا واسبانيا لم تحققا المستهدف بشأن تخفيض العجوزات المالية والنقدية والشركات الصغيرة في البلدين تعاني من جفاف الائتمان المصرفي واذا توافر الاقتراض فإنه يكون بسعر فائدة مرتفع والمنتظر كما تقول ارقام بلومبرج وصندوق النقد الدولي ان يحدث انكماش في اجمالي الناتج المحلي في كثير من دول الأطراف الأوروبية خلال عام 2013 فإيرلندا تتوقع ان تنمو بنسبة 4.1% وألمانيا 9.0% وهولندا 4.0% وفرنسا بنفس النسبة أما اجمالي الناتج المحلي في اليونان فسوف ينكمش بنسبة 4% واسبانيا بنسبة 3.1% والبرتغال 1% وأخيرا ايطاليا 7.0% وكل ذلك بالمقارنة مع عام 2012 والأسوأ من ذلك كله ان يركن ساسة دول أوروبا إلي ما طرأ من تحسن ويكفون عن اتخاذ ما هو ضروري من اجراءات الاصلاح المالي والاقتصادي، واذا عرفنا أن ساسة أوروبا لا يتحركون الأ تحت تهديد الضغوط فإننا سندرك ان تراجع هذه الضغوط وفكرة العدوي الايجابية التي يؤمن بها دراجي هي أشياء ضارة جدا لانها علي أقل تقدير ستؤجل مسيرة الاصلاحات.