حذرت إحدي الدراسات الصادرة من معهد بحوث الاقتصاد الزراعي من تدني نسب الاكتفاء الذاتي لبعض السلع الغذائية المهمة وفي مقدمتها القمح حيث تصل نسبة الاكتفاء به لنحو 55% خلال عدة أعوام وهي نسبة غير كافية بالنسبة للأهمية الاستراتيجية للمحصول كملون للأمن الغذائي القومي ونفس الأمر تقريبا بالنسبة للذرة الشامية والتي تستهدف الزراعة المصرية زيادة مساحتها علي حساب الزيادة الكبيرة التي طرأت علي مساحة الأرز خلال السنوات الأخيرة وأن الأرز هو محصول الحبوب الوحيد الذي يوجد به اكتفاء ذاتي في مصر ويحقق فائضا تصديري اولكن السياسة المائية تتجه نحو خفض مساحته مع توجهات لوقف تصديره احيانا لاعتبارات ارتفاع الأسعار المحلية منه. وأضافت أن مصر تحقق اكتفاء ذاتيا من البيض كما أنها كانت تحقق اكتفاء ذاتيا من اللحوم البيضاء ولكن انخفضت تلك النسبة بعد الإصابة بانفلونزا الطيور ولا يوجد لمصر ميزة نسبية في انتاج اللحوم الحمراء إذ إنها ليست منطقة مراع ولكن تمثل مجموعة الزيوت النباتية أقل نسب الاكتفاء الذاتي للمجموعات الغذائية حيث إنها لا تتجاوز 20% ولقد كانت تلك المجموعة عرضة لأكبر الارتفاعات في السلع الغذائية من أزمة الغذاء الأخيرة لذا يلزم اتباع سياسات سعرية واضحة بالنسبة لمحاصيل البذور الزيتية واتباع أسلوب الزراعة التعقادية لضمان تسليم المحصول لمؤسسات التصنيع مع تشجيع زراعة الزيتون في المحافظات الصحراوية. تزايد العجز وشددت دراسة معهد بحوث الاقتصاد الزراعي علي أن الأمن الغذائي يقع في القلب من قضية التنمية الزراعية وأنه قد تزايدت أهميته في ظل التزايد المطرد بالعجز الغذائي إذ إن مصر تعد دولة مستوردة للغذاء علي الرغم من الزيادات المحققة في انتاج الحاصلات الزراعية موضحة أن قيمة الاستثمارات المنفذة بالقطاع الزراعي منذ عام 2000 حتي 2009 قد بلغت نحو 7،8 مليار جنيه أي ما يمثل حوالي 7% من إجمالي قيمة الاستثمارات المنفذة في مختلف القطاعات الاقتصادية المصرية البالغة نحو 115،9 مليار جنيه وأن ذلك قد انعكس في تدني نسبة مساهمة قطاع الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي والتي قدرت بحوالي 15% كمتوسط لنفس الفترة هذا وقد قدرت العمل الزراعية بنحو 5،7 مليون عامل مثل حوالي 26% من إجمالي قوة العمل في مصر البالغة 22،2 مليون عامل تقريبا. ولفتت إلي تزايد العجز في الميزان التجاري الكلي وكيف أن ذلك يرجع بصفة رئيسية إلي زيادة العجز في كل الميزان الغذائي والزراعي وأوضحت أن حجم الطلب علي القمح في السوق المصري يفوق المعروض منه بنحو الضعف مما يجعل مصر من أكبر الأسواق استيرادا للقمع علي مستوي العالم في الوقت الذي يوصف به سوق القمح علي مستوي العالم بكونه سوق احتكار متعدد أو قلة ?في جانب العرض? وبكونه سوق منافسة احتكارية ?في جانب الطلب? كما أن مصادر الواردات المصرية قد تركزت بنسبة كبيرة في دولتين فقط تمثلان 59% من إجمالي الواردات وهما روسيا وأمريكا لذا تواجه مصر بعض المخاطر بسبب اعتمادها في استيراد القمح بنسب مرتفعة من تلك الدولتين من حيث احتمال استخدام القمح كأداة ضغط سياسي لتنفيذ بعض السياسات. واردات أضافت الدراسة أن الواردات المصرية السنوية من القمح تقدم بنحو 5،4 مليون طن تمثل حوالي 73،3% من متوسط حجم الإنتاج المصري السنوي من القمح البالغ نحو 7،3 مليون طن وبما يعادل أيضا نحو 46،3% من متوسط الاستهلاك السنوي للقمح في مصر وكذلك ما يقرب من 14% من إجمالي الواردات العالمية السنوية من القمح ولذا فإن كبر حجم الطلب علي القمح في السوق المصري والذي يفوق المعروض منه محليا بنحو الضعف يجعل مصر من أكبر الأسواق احتياجا لاستيراد القمح، وأشارت إلي النتائج المترتبة علي زيادة مساحة القمح علي حساب المحاصيل الأخري بالإضافة إلي أن المخاطرة هنا تكمن في أن معظم المحاصيل المنافسة للقمح عدا البرسيم أما أن تكون من المحاصيل المهمة سواء استيرادا أو تصديرا والتي يستهدف التوسع في الإنتاج المحلي منها لزيادة الصادرات الزراعية أو الحفاظ علي المساحات المزروعة بها حاليا هذا بالإضافة إلي تعذر تحويل مساحات ذات أثر ملموس من الأراضي المستغلة في الزراعات المعمرة وذلك بحكم التراكم التاريخي لهذه الزراعات في بعض المناطق والمحافظات وأوضحت أنه علي الرغم من أن المحاصيل الاستراتيجية المتعلقة بتحقيق الأمن الغذائي تشغل حوالي 55% من المساحة المزروعة إلا أن انخفاض نسبة الاكتفاء الذاتي من مختلف المجموعات الغذائية لا يزال هو المشكلة الرئيسية التي تواجه مصر. وشددت علي أن تنمية القطاع الزراعي المصري تواجه إشكالية مركبة تتمثل في أن الموردين الطبيعيين الرئيسيين لهذا القطاع يتسمان بالمحدودية فضلا عن تزايد العوامل الضاغطة التي تزيد من محدوديتهما في إطار أي رؤية مستقبلية وأن القطاع العقاري المصري نما تاريخيا ولا يزال علي حساب القطاع الزراعي المصري كما أنه لا توجد منظمات تعمل علي تشجيع المنتجين الزراعيين وتدافع عن مصالحهم وتحقق الشراء الجماعي لمستلزمات انتاجهم وتقدم الائتمان الميسر لهم وتسوق منتجاتهم.