تعالت الأصوات مؤخرا للمطالبة بفرض ضرائب علي تعاملات بالبورصة لتوفير موارد للخزانة العامة بدلا من فرض ضرائب علي السلع الأساسية للمواطنين والتي أقرت بما يسمي بقوانين 6 ديسمبر، فهل تتحمل البورصة المصرية في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة أي ضرائب تفرض علي التعاملات فيها، وما تأثير ذلك علي الاستثمارات في الأوراق المالية؟ للإجابة عن هذه التساؤلات التقينا بالدكتور مصطفي عبد القادر رئيس قطاع المناطق الضريبية والمشرف علي البحوث الضريبية بمصلحة الضرائب المصرية، ومعرفة التأثيرات المختلفة علي البورصة في حالة اللجوء لفرض مثل هذه الضريبة . * تعالت الأصوات مؤخرا لإخضاع توزيعات الأسهم وناتج التعامل في الأسهم للضريبة فما رأيك؟ ** الحقيقة أن الصحف وبرامج التلفاز تطالعنا بتصريحات أهل البورصة وأهل الإعفاءات الضريبية لتشجيع الاستثمار التي تحذر من فرض الضريبة علي توزيعات الأسهم أو الأرباح الرأسمالية الناتجة عن بيع الأسهم , حتي شعرنا بأن فرض الضريبة علي هذه التوزيعات أو الأرباح الرأسمالية يعد نوعا من الكبائر التي يتعين علينا عدم الإتيان بها حتي لا يعاقبنا المجتمع الذي سيتحمل وزر انخفاض الاستثمارات المباشرة. ونظراً لأنني أشعر بالمسئولية الوطنية تجاه هذه المسألة فوجدت لدي رغبة جامحة في عرض وجهة نظر العلم في هذه المسألة وليست وجهة نظري لعلها تبعث علي إعادة النظر في هذه المسألة. العدالة الضريبية * وهل يحقق ذلك فكرة العدالة الضريبية وما علاقته بالإعفاءات الضريبية؟ ** العدالة الضريبية الحقيقية ليست في تحصيل الضريبة، فمن يحقق دخلاً لابد أن يدفع الضريبة لأن الربح يرتبط بالضريبة وجوداً وعدماً، بصرف النظر عن فكرة التبعية الاجتماعية أو فكرة التبعية الاقتصادية، سواء كان الشخص مقيماً أم غير مقيما، مصرياً أم أجنبياً وأن الخروج علي هذه القاعدة لابد أن يكون في إطار ضيق جداً وفي حدود مجموعة من الضوابط التي تضمن عدم تسرب الإيرادات الضريبية، بينما أري أن العدالة الضريبية الحقيقية تكون في إنفاق هذه المتحصلات الضريبية من قِبل الدولة حتي ولو تم صرفها علي توفير البنية التحتية أو تهيئة المناخ الاستثماري لهذا المستثمر. وأما عن جدوي هذه الاعفاءات الضريبية علي مناخ الاستثمارات الدولية، فإن القاعدة العامة التي تحكم الاستثمارات الدولية هي فرض الضريبة الواحدة علي الدخول الذي يتحقق، بمعني ألا يخضع أي دخل لأكثر من ضريبة، أي ألا يتعرض الدخل لازدواج ضريبي دولي و في ذات الوقت لا يجوز أن يخضع الدخل لأقل من ضريبة، بمعني إن لم تخضع دخول هذه الاستثمارات للضريبة في دولة المصدر، أي الدولة المضيفة أو التي تستثمر فيها هذه الأموال، فيجب أن تخضع هذه الدخول للضريبة في دولة الإقامة أي الدولة التي يقيم فيها المستثمر، وهذا يعني ببساطة شديدة أن الإعفاءات الضريبية للاستثمار الأجنبي المباشر في مصر بأشكاله المختلفة هو تنازل عن الحصيلة الضريبية من جمهورية مصر العربية إلي دولة المستثمر، وأن هذه الاعفاءات لا تمثل حافزا للمستثمر ذاته، بل تمثل تنازلا عن الضريبة إلي الدولة الأجنبية، لذلك تفرض الدول المصدرة لرؤوس الأموال المالكة لهذه الاستثمارات الضريبة علي مواطنيها أو الشركات المقيمة بها علي أساس مبدأ عالمية الدخل أو الإيراد بمعني أن تفرض الضريبة علي الدخول المحققة في خارج إقامة دولة المستثمر، مما يتعين معه خضوع دخول هذه الاستثمارات المعفاة من الضريبة في دولة المصدر للضريبة في دولة الإقامة، وهذا ما أخذ به التشريع الضريبي المصري ذاته في القانون (91) لسنة 2005 من فرض الضريبة علي الشركات المقيمة بمصر علي أساس مبدأ عالمية الدخل أو الإيراد، أي خضوع ناتج التعامل أو التوزيعات التي تحصل عليها الشركات المقيمة من الخارج