رحل عام 2012 المجلل بالسواد والذى شهد تداعيات ما يسمى بثورات الربيع العربى التى لم تعكس ربيعا على الاطلاق بل كانت خريفا معتما قاتما نشر أولويته وظلاله فى تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا ولعل أكثر ما سيطر عليه هو مضى أمريكا فى تنفيذ سيناريو كان البنتاجون قد وضعه منذ منتصف التسعينيات ويرمى إلى إثارة القلاقل فى الشرق الأوسط وجاءت الفرصة للبدء فى تنفيذها عام 2013 عندما اعتمدت أمريكا والناتو سياسة زعزعة استقرار البلدان العربية عبر تغيير أنظمة الحكم فيها جاءت ثورات الربيع العربى لتقلب الأوضاع رأساً على عقب لم يتحقق من جرائها أية إصلاحات والعكس هو الصحيح، فلقد تأزمت المواقف وتصدع البنيان وطفت على السطح مخاوف شتى فى ظل انعدام الأمن وعدم الاستقرار الأمر الذى أثر بدوره على الاقتصاد وليس متوقعا أن تشهد هذه الدول تعافيا سريعا من أمراض الربيع العربى، ففىِ سوريا مثلا لجأ الغرب إلى إعطاء الإيحاء بأن ما يحدث فيها هو حركة احتجاجية سلمية رغم أن الحقيقة تؤكد أن مجموعات مسلحة تكفيرية تنتمى إلى تنظيم القاعدة مثل جبهة النصرة قد أخذت على عاتقها إسقاط الدولة عبر الغرب الذى حرك الأدوار وأعطى الأوامر لدول إقليمية تصدرتها تركيا لتضطلع بالتنفيذ? لعبت تركيا دورا حقيرا ضد سوريا عندما احتضنت ما يسمى بجيش سوريا الحر وزجت بالإرهابيين المرتزقة فى الساحة السورية ودعمتهم بالمال والسلاح والمأوى وافتعلت أحداثاً من أجل تنفيذ الأجندة الصهيوأمريكية، فهل غاب عنها أن دعمها للعصابات المسلحة سيصب بالإيجاب فى صالح المشروع الصهيونى الرامى إلى التوسع لتحقيق حلم دولة إسرائيل من النيل إلى الفرات؟ وكأنى بأردوغان قد وضع يده فى يد الكيان الصهيونى وتحالف معه وأصبح رأس حربة لإسرائيل والناتو من أجل تحقيق حلم الصهيونية بإقامة دولتها الكبرى وللأسف ساعد تركيا فى ذلك دول عربية أخرى كانت بمثابة أدوات لهذا الحلف الذى سبق له أن دمر العراق وليبيا? عار على تركيا الدولة المسلمة أن تخرق القانون وتنسف المعايير السلمية ويحركها عدوان غاصب فترتكب جريمة كبرى من خلال السماح لعناصر إرهابية باستخدام أراضيها والتسلل عبرها للقيام بعمليات إرهابية فى سوريا عار على ?أردوغان? الذى يجاهر بدعمه للمجموعات الإرهابية المسلحة التى تنطلق للقيام بأعمال القتل والتعذيب ضد المواطنين السوريين، والسماح باستخدام الأراضى التركية كقاعدة لهذه الأعمال الإرهابية أردوغان نسى نفسه ومضى يشحذ الإرهاب المسلح ضد سوريا ويحرض على الحرب ضدها وغض الطرف عما تقوم به المجموعات الإرهابية المسلحة فى سوريا وكيف أن عملياتها قد أدت إلى سقوط عشرات الآلاف القتلى من المواطنين السوريين? عار على ?أردوغان? الذى نجح بامتياز فى تحويل السياسة الخارجية التركية فى المنطقة إلى حطام أساء أردوغان لتركيا من خلال سياسته العقيمة ولم يخسر سوريا وحدها وإنما خسر معها إيران والعراق، فالدور السلبى الذى لعبه فى سوريا أدى إلى تجميد العلاقات التركية الإيرانية، وأدى فى الوقت نفسه إلى تدهور العلاقات مع العراق خطيئة تركيا اليوم أنها راهنت على صانعى الأزمة ومروجى التحريض، ولهذا لم يكن غريبا أنها خسرت الكثير فى منطقة الشرق الأوسط بعد أن راهنت على ورقة واحدة ألا وهى العلاقات مع أمريكا ودول خليجية عملت جاهدة من أجل إسقاط الدولة السورية? ولا شك أن أمريكا هنا قد لعبت الدور الرئيسى فى تحريض الجميع على تنفيذ مؤامرة إسقاط الدولة السورية، واعتمد مخططها فى الأساس على استخدام ورقة الطائفية سعيا لتفتيت الدولة على غرار ما فعلته فى العراق عندما احتلته عام ???? ولهذا أعطت انطباعا بإمكانية التدخل العسكرى فى سوريا وإرغام الناتو على خوض حرب كهذه على غرار ما جرى فى ليبيا ومن ثم تم تكليف تركيا للاضطلاع بدور رأس الحربة فى هذا العدوان وكان أن استجابت تركيا وشرعت فى شحذ الاستفزاز على حدودها مع سوريا ولا غرابة، فلقد تحولت تركيا إلى خادمة للقوى العدوانية فى الغرب وبعدت كلية عن أى مسلك يلبى مصالح الإسلام والمسلمين وتلعب اليوم دورا مشبوها بوصفها أداة فى يد الغرب الذى تقوده أمريكا سعيا لتقسيم الدول العربية والإسلامية? لقد تبنت إدارة ?أوباما? نفس النهج الذى تبناه ?بوش? مع تغير الأسلوب، فبوش لعب حرباً صليبية أما أوباما فراهن على استراتيجية تحريض المسلمين على الاقتتال فيما بينهم لتقسيم العالم الإسلامى وتفتيته من أجل المصالح الأمريكية وهى نفس السياسة التى وضع أسسها ?لورانس العرب? فى مطلع القرن العشرين والقاضية بإرغام العرب على الاقتتال فيما بينهم من أجل مصالح بريطانيا وهذا يؤكد حقيقة مفادها أن الغرب ومخابراته هو الذى أوجد المجموعات الإسلامية المتطرفة بما فى ذلك تنظيم القاعدة من أجل تمزيق العالمين العربى والإسلامى?