رغم الأخطاء والخطايا التي يرتكبها، ورغم الشطط والتطرف اللذين يميزا سلوكه المتغطرس، استطاع بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي أن يبقي الأوفر حظا بحسب استطلاعات الرأي بشأن الانتخابات البرلمانية في إسرائيل، ويبدو أن نتنياهو واثقا بفوزه بولاية ثانية، إذ لا تواجه سلطته سوي تحد واحد داخل معكسره نظرا لانقسام المعارضة، حتي توجيه تهمة "إساءة الأمانة" إلي وزير خارجيته افيجدور ليبرمان ورئيس الحزب المتشدد "إسرائيل بيتنا" المتحالف مع نتنياهو، لم يغير المعطيات ذاتها، ولا يواجه نتنياهو تهديدا خطيرا من جانب المعارضة الوسطية واليسارية، بل من سياسي شابيميني متشدد هو "نفتالي بنيت" الذي تولي قيادة "البيت اليهودي" وهو حزب متشدد مناصر للاستيطان، والذي يتوقع فوزه ب 12 مقعدا مقابل 3 حاليا، ليصبح القوة الثالثة في البرلمان بعد حزب العمل. إن السياسة التي يتبعها نتنياهو والتي لا تأبه بالفلسطينيين ولا بالعالم، سوف تنفجر في النهاية في وجه إسرائيل لأن نتنياهو يستخف بالعالم كله، والكارثة الحقيقية التي يقود نتنياهو إسرائيل إليها تكمن في تقويض حل الدولتين بشكل نهائي، وهذا ما يعني الدولة الواحدة والقضاء عي حل الدولتين. لقد أطلق نتنياهو الحملة الانتخابية لتكتل "ليكود -بيتنا" بإطلاق يد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية متعهدا بتعزيزه في السنوات المقبلة، وإبقاء القدس عاصمة إسرائيل الأبدية ودعا الجمهور الإسرائيلي قائلا: "فعلنا الكثير لتعزيز المستوطنات في الماضي وخلال السنوات المقبلة سنواصل ذلك وسنعززها أكثر، معتبرا أن الاعتراف الرسمي بكلية أريئيل الاستيطانية كجامعة يشكل فخر للتعليم العالي في إسرائيل، وبشري لمستوطنة اريئيل التي ستظل دائما جزءا من دولة إسرائيل. ركز نتنياهو في برنامجه الانتخابي علي البناء في القدس وأكد أنه لن يقبل أبدا تقسيم المدينة، في رد مباشر علي دعوات فلسطينية للاعتراف الإسرائيلي بحدود 1967 بما فيها القدسالشرقية كمرجعية للاتفاق، وأكد علي مواصلة العيش والبناء في القدس التي ستبقي دوما غير قابلة لتقسيم وتحت السيادة الإسرائيلية. حاول نتنياهو في خطابه الذي يعبر عن برنامجه الانتخابي تخويف الإسرائيليين من الإسلام المتشدد كما وصفه والذي من وجهة نظره يشكل تحديا كبيرا لإسرائيل، بالإضافة إلي تحذير من الإسلام المتشدد تطرق نتنياهو للملف النووي الإيراني وصعوبات اقتصادية كبيرة. وفي المقابل استعرض نتنياهو انجازاته ومن بينها استعادة الجندي جلعاد شاليط، وتقوية الاقتصاد الإسرائيلي في وجه الأزمة المالية العالمية. كان لافتا أن نتنياهو خلال استعراضه للانجازات الكثيرة والكبيرة لحكومته علي الصعيد الاقتصادي في خطاب تدشين الحملة الانتخابية لم يأت علي ذكر الملف الفلسطيني إلا لماما، فيما حذرت القيادة الفلسطينية إسرائيل من أن برنامج الحكومة الإسرائيلية القائم علي التوسع الاستيطاني والتباهي به، يقود إلي إنهاء حل الدولتين وإقامة دولة واحدة. فبرنامج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يعتمد علي تكثيف الاستيطان سيقود إسرائيل حتما في حال تنفيذه إلي تقويض حل الدولتين، وإفشال الجهود الدولية للتوصل إلي إسلام شامل وعادل في المنطقة،وفي هذاالإطار فإن الفلسطينيين لن يقبلوا بأي خطوات انتقالية أو مشروع لدولة بحدود مؤقتة. ومن المتوقع أن تتجه السلطة إلي إجراءات غير مسبوقة ردا علي الخطوة الإسرائيلية بتنفيذ مشاريع استيطانية جديدة، منها اللجوء إلي مجلس الأمن، وتحميل إسرائيل المسئولية كاملة عن تدهور الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، وطلب وقف الاستيطان بكل أشكاله. ورغم كل ذلك تظل إسرائيل قلقة،وإن أبدت ثقة كبيرة في خطواتها المحمومة المتعلقة بالاستيطان، بواعث القلق الإسرائيلي يأتي من حليفها الاستراتيجي الولاياتالمتحدةالأمريكية، فبينما حرصت إسرائيل الرسمية علي الترحيب بتعيين اسناتور جون كيري وزيرا للخارجية الأمريكية خلفا لهيلاري كلينتون، لمتخف أوساط دبلوماسية مخاوفها من أن تشهد ولايته إشكالات في العلاقات مع الدولة العبرية علي خلفية نشاطها الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام ،1967 الذي سبق لكيري أن أعلن معارضته لها، غير أن القلق الأكبر ناجم عن احتمل تعيين "تشك هاجل"الذي لا يملك ذرة تعاطف مع إسرائيل وزيرا للدفاع خلفا ل"ليو بانيتو". كيري بالمفهوم الإسرائيلي ورغم أن جديه يهوديان اعتنقا المسيحية -بحسب صحيفة هآرتس الإسرائيلية - فهو يساري أيضا، وبعيد كل البعد عن سياسة الحكومة الإسرائيلية الحالية والمتوقعة بعد الانتخابات، وعن توجه غالبية الرأي العام الإسرائيلي اليمني، مما يجعل المواجهة بينهما حتمية، والسؤال فقط متي ستقع؟.