رغيف الخبز أو طعام الفقراء كما يسمونه دائما هو محور اهتمامات القادة والرؤساء، فهو دائما ما تتركز فيه كل عيوب النظام السياسي من استبداد وفساد، ويتجلي فيه أيضا كل محاسن النظام، ولم لا فكل الثورات التي شهدها العالم كانت بسبب ثورات الخبز والفقراء، واكبر دليل علي ذلك ان شعار ثورة 25 يناير بدأ بالعيش ثم الحرية والعدالة الاجتماعية، الاغرب من ذلك ولاهمية تلك القضية عند الحكام والملوك كان المؤرخين يحددون ملامح النظام الحاكم عن طريق النظر الي شكل الرغيف وجودته ومدي توافره، فهو الذي اشعل الحروب، واسقط الطغاة، ووحد الشعوب منذ اندلاع الثورة الفرنسية وحتي ثورات الربيع العربي التي اطاحت بكبار القادة العرب بعد ان أصبح الحصول علية يمثل معاناة يومية يعيشها ملايين المصريين والعرب لدرجة وصلت الي القتل والضرب والسحل وهو ما جعل الثوار يضعونه في اولويات اجندة الرئيس الجديد، وهو مايعني ان نجاح مرسي في حل ازمة رغيف العيش يعني نجاحه في اول واصعب واهم اختبار حقيقي يمكن ان يواجهه علي مدار السنوات الخمس سنوات القادمة. فالقضية في مصر مختلفة ومعقدة ومتشابكة لتعدد الجهات والمسئولين ،لدرجة ان كل حكومات النظام السابق اخفقت في الوصول لحل قاطع لتلك المشكلة التي راح ضحيتها العديد من المواطنين بالرغم من انفاق الدولة عليها أكثر من 18 مليار جنيه سنويا، لكن بعد ثورة 25 يناير توقع البعض ان تنتهي تلك المشكلة لكن يبدو ان الحلول التي قدمت علي مدي العامين الماضيين لم تكن علي قدر المطلوب، وهو مادعا البعض الي مطالبة الرئيس مرسي بضرورة البحث عن حل سريع لاسيما ان د. محمد مرسي وصف المنظومة الحالية بالمريضة ووعد بمشروع جديد لتحرير صناعة الدقيق المدعم الذي يعتبره الرئيس المنقذ لتطوير منظومة دعم الرغيف المتهالكة. اذ يقضي المشروع الجديد علي تهريب الدقيق والقمح المدعم للسوق السوداء. وهو ما اجمع علية الخبراء ايضا باعتباره الحل الامثل للقضاء علي ازمة رغيف العيش وعمليات السرقة والنهب بداية من التعاقد علي شحنة القمح ثم استيرداها ووصولا الي الصوامع ثم المطاحن وأخيرا إلي المخابز، حيث قالوا ان تحرير سعر الدقيق سيقضي علي كل حلقات السرقة الموجودة وسيوفر مليارات الجنيهات للدولة وهو ما اكده المهندس أبوزيد محمد أبوزيد وزير التموين والتجارة الداخلية اكثر من مرة ، بأن تحرير سعر الدقيق بات امرا حتميا لحل مشكلة تهريبه إلي السوق السوداء وضمان صول الدعم إلي مستحقيه، موضحا أن المخابز سوف تتسلم القمح بسعره في السوق ومن ثم تقوم الوزارة بشرائه بسعره الحقيقي الذي يقدر بنحو30 قرشاً وتبيعه للمستهلك ب5 قروش. وأضاف أن المنظومة الجديدة سوف تسهل من مهمة مفتشي التموين حيث ستقتصر فقط علي المرحلة الأخيرة وهي عند استلام الخبز، بدلاً من مرحل عديدة يتبعها المفتش لمحاولة منع تهريب الدقيق والتأكد من استخدامه وجودة رغيف الخبز. وقال ايضا ان تحرير سعر الدقيق سوف يعمل علي زيادة التنافسية بين أصحاب المخابز في إخراج الخبز بشكل جيد، مستبعدا أن يؤدي تحرير سعر الدقيق إلي زيادة الدعم المحدد للدقيق، حتي إذ زاد تحرير سعر الدقيق، فهل فعلا سيؤدي قرار تحرير سعر الدقيق الي كل ما قاله الوزير اي ستنتهي السرقة.. ستنتهي متاعب ومعاناة الناس في الحصول علي رغيف عيش نظيف بسهولة، ام ان المشكلة ستظل بسبب الفساد الكبير الموجود بها ،هذا ما سنناقشه في التحقيق التالي. في البداية أكد الدكتور احمد خورشيد مستشار وزارة التموين والتجارة الداخلية لشئون المطاحن ان تحرير سعر الدقيق سيقضي علي المهربين وتجار الدقيق وسيوفر للدولة ملايين الأطنان، موضحا ان المخاوف التي يبديها البعض ليس لها اساس من الصحة لان القرار تمت دراستة بعناية ولا توجد اي مخاوف من تطبيقه، واضاف ان تحرير السوق سيوفر الخبز للفقراء ويضمن وصول الدعم الي مستحقيه ويقضي علي كل حلقات السرقة الموجودة، مطالبا الجميع بالتكاتف والعمل علي انجاح تلك التجربة التي ستساعد علي حل اكبر المشاكل التي يعانيها المواطن المصري. وهو ما اكده بها الخبير التمويني ممدوح زيد في دراسة لة بأن استمرار الوضع الحالي يعني ضياع مزيد من المليارات التي تقدمها الدولة كدعم بسبب منظومة الفساد المتراكمة بالرغم من ان العقد المبرم بين وزارة التموين والمخابز ينص علي أن تعطي الدولة ممثلة في وزارة التموين لأصحاب المخابز دقيقا مدعما مقابل أن يقوم المخبز بصناعة خبز مدعم للمواطنين وهو ما لا يحدث، لذا كان لازما علي الدولة تحرير سعر الدقيق الذي سيوفر 11 مليار جنيه وأكثر من 10 آلاف وظيفة، بالاضافة الي إلغاء جميع إدارات التموين بالجمهورية وتحويلها إلي مكاتب تموين متعددة ومتطورة مع توصيل رغيف الخبز إلي المستهلك مباشرة ودون وسيط.ثم تولي هيئة السلع التموينية التابعة لوزارة التموين مهمة الإشراف علي تسليم محصول القمح المحلي من المزارعين والتجار إلي شون بنك التنمية والمطاحن بالدولة واستكمال العجز في الاستهلاك من الاستيراد حسب القوانين المتبعة حاليا، مع ضرورة المتابعة والحصر اليومي لعدد المستهلكين الذين تسلموا الخبز بمعرفة لجنة ثلاثية، ويكون من حق المواطن رفض استلام الخبز في حالة عدم صلاحيته أو سوء إنتاجه أو عدم مطابقته للمواصفات التي وضعتها وزارة التموين لإنتاج الخبز الجيد،مشيرا إلي أن هذه الطريقة لن تكلف الدولة اكثر من 7 مليارات جنيه سنويا بما يوفر علي الدولة 11 مليارا من أصل 18 تذهب لدعم الخبز سنويا. من جانبة قال ايضا العقيد رأفت حمدان بمباحث التموين انه بدون تحرير سعر الدقيق لن تحل أزمة رغيف العيش ولن تستطيع الدولة القضاء علي المهربين الذين يضيعون علي الدولة مليارات الجنيهات سنويا، موضحا ان المشكلة ليست في المخابز فقط ولكن السرقة تبدأ منذ استيراد الشحنة وحتي وصولها الي المخبز، وبالتالي فان تحرير سعر الدقيق سيؤدي الي وقف تجارة الدقيق في مصر وضمان وصول الدعم الي مستحقية وبالتالي حل معاناة المواطنين وزيادة حدة المنافسة بين المخابز لإنتاج رغيف جيد صحي امن للمواطن. مضيفا ان القرار تأخر كثير ولابد من سرعة تطبيقه حتي تضمن الدولة وقف عمليات النهب التي تتم علي اهم واخطر سلعة موجودة في مصر وهي عيش الفقراء. كذلك قالت د يمني الحماقي الخبيرة الاقتصادية ان القرار جيد وبداية حقيقية لتغير واصلاح منظومة الدعم في مصر، نافية تأثر زراعة القمح في مصر لاسيما بعد تأكيد الدولة علي قيام هيئة السلع التموينية بشراء القمح المحلي من المزارعين بصفة مستمرة بغض النظر عن أسعار الأقماح في الخارج، واضافت ان تحرير السوق سيقضي فورا علي التجار وعمليات التهريب التي كانت تتم، وهو ماسيؤدي الي توفير ملايين الجنيهات يوميا كما انه سيسهم بشكل كبير في حل اهم مشكلة يعاني المواطن المصري وهي رغيف العيش. وطالبت الحكومة الجديدة بسرعة تطبيق القرار وعدم التهاون مع المخالفين وزيادة شكل الرقابة الفعالة علي المخابز لضمان وصول رغيف عيش جيد للمواطن الذي قام بثورة من اجل العيش. علي العكس تماما نجد ان رابطة أصحاب المطاحن تري ان توقيت القرار غير مناسب حيث سيؤدي الي تشريد الاف العمال العاملين بمطاحن القطاع العام بسبب التعثرالكبير الذي تواجهه تلك المطاحن، حيث أشار حسين بودي عضو مجلس إدارة رابطة أصحاب المطاحن إلي أن بعض البنود التي تضمنها قرار وزير التضامن حول تحرير سعر الدقيق ليست لها علاقة بعملية تهريب الأقماح والدقيق من المطاحن والمخابز ، مثل دخول المطاحن في مناقصات لشراء الأقماح، مطالبا الدولة بمراعاة ظروف المطاحن العامة وإيجاد حلول لمشاكلها وعدم الاستغناء عن عمال مطاحن القطاعين العام والخاص العاملة في إنتاج الدقيق البلدي والذين وصل عددهم إلي أكثر من 50 ألف عامل.