قلق عارم اعتري إسرائيل من جراء الطائرة الإيرانية "أيوب" التي أطلتها حزب الله وتوغلت في المجال الجوي للكيان الصهيوني الذي سارع بإسقاطها في السادس من الشهر الحالي، لقد تزايد الرعب الاسرائيلي من امكانية استغلال هذه الطائرة مستقبلا في استخدام صاروخ دقيق يتم توجيهه لضرب أهداف استراتيجية كالقواعد العسكرية للجيش الاسرائيلي أو منشآت أخري، ولهذا فإن المناورات العسكرية الأمريكية الإسرائيلية التي جرت تأتي في توقيت حساس وسط أحداث وتطورات تشهدها المنطقة. المناورات الأمريكية الإسرائيلية "التحدي القاسي 2012" ربما ستكون عبارة عن تدريبات موسعة استعدادا للحرب علي طهران.. المناورات تستمر أربعة أسابيع ويشارك فيها 3500 جندي أمريكي وألف جندي إسرائيلي، وتبلغ تكلفتها 38 مليون دولار تتحمل أمريكا منها ثلاثين مليونا.. ويعول علي المناورات المذكورة في تحسين أداء الدفاع الصاروخي لإسرائيل وضمان التفوق العسكري ومواجهة التهديدات من كل الجهات، وتركز المناورات علي سلاحي الطيران والدفاع الصاروخي وتأتي في إطار الاستعدادات لحرب قد تشنها الدولتان ضد إيران لاسيما مع اقتصار المناورات علي سلاح الجو واجراء تدريبات علي غارات جوية تستهدف أهدافا بعيدة المدي، كما أن التركيز علي الدفاع الصاروخي واختيار القبة الحديدية الاسرائيلية وصواريخ باتريوت المضادة للصواريخ يعد مؤشرا علي السلاح الأقوي في يد إيران وحزب الله وربما سوريا التي تملك مجتمعة ترسانة هائلة من الصواريخ البالستية من مختلف المدي والأحجام. المناورات هذه تجري في ظروف سياسية مشحونة ووسط تكهنات حول إمكان أن تشن إسرائيل ضربة وقائية ضد إيران إذ يظل قلق إسرائيل الكبير محصورا في الترسانة الايرانية المتنامية من الصواريخ البالستية والتي سبق لأمريكا أن حذرت منها لاسيما صواريخ "شهاب 3" والصواريخ البالستية المتوسطة التي يبلغ مداها ألفي كلم، وستجري خلال المناورات تدريبات مشتركة علي نظام القبة الحديدية للدفاع الصاروخي وصواريخ "باتريوت" الامريكية ونظام "آرو" المضاد للصواريخ البالستية والذي طورته الدولتان. وجاءت عملية الطائرة "أيوب" التي اخترقت المجال الجوي لإسرائيل لتفرض بندا جديدا علي المناورات يتمثل في طريقة التعامل مع الطائرات بدون طيار وإسقاطها لاسيما وأن الطائرة "أيوب" تمكنت من تصوير مطارات عسكرية إسرائيلية ومناطق المناورات الامريكية الاسرائيلية وربما استطاعت تصوير مفاعل "ديمونا" النووي الاسرائيلي وكانت صحيفة ال "صنداي تايمز" قد ذكرت أن الطائرة "أيوب" التي اخترقت أجواء إسرائيل استطاعت تصوير مواقع عسكرية سرية إسرائيلية ونقلت هذه الصور إلي مركز القيادة الذي يتحكم بالطائرة. وستشارك القيادة المركزية للقوات الامريكية في الشرق الأوسط والموجودة في عدد من الدول العربية في إدارة المناورة عبر وسائل الاتصالات المتطورة وهو ما يعني أن أي حرب تشنها إسرائيل علي أي طرف عربي مجاور ستتطلب مشاركة هذه المواقع القيادية الامريكية لحماية إسرائيل بشكل مباشر وعملي. مراقبون يرون أن هذه المناورات هي بمثابة تدريب لتأمين حدود إسرائيل الشمالية والحدود مع سوريا، بل وربما تجري للتدريب علي عملية عسكرية ضد سوريا لاسقاط نظام دمشق كما انها تأتي وسط تهديدات إسرائيلية بتوجيه ضربة للمنشآت النووية الايرانية. المناورات المذكورة تم الإعداد لها منذ عامين وكان قد خطط لها أن تجري في ابريل الماضي إلا انها أرجئت بطلب من إسرائيل وتعد أكبر مناورات في تاريخ العلاقات الاعسكرية الطويلة بين أمريكا وإسرائيل علي أساس أن العمل المشترك بينهما هو رسالة قوية في حد ذاتها. الجدير بالذكر أن ألف جندي أمريكي من المشاركين في المناورة سيظلون في إسرائيل ولن يغادرون بعد انتهائها لأسباب غير معروفة وإن كانت المؤشرات تشي بأن الإبقاء علي الألف جندي أمريكي في إسرائيل حتي فبراير من العام القادم يؤكد احتمالية شن حرب في هذا الشهر ضد إيران. يدعم ذلك تزامن المناورات مع قرار إسرائيل تقديم موعد الانتخابات البرلمانية من أكتوبر إلي يناير ،2013 وهي الانتخابات التي يتوقع أن يحقق فيها "نتنياهو" فوزا حاسما يمنحه تفويضا لخوض حرب ضد إيران. ولعل اختيار الثلث الأخير من يناير لإجراء الانتخابات البرلمانية الاسرائيلية واجراء مناورات "التحدي القاسي 2012" قبل ذلك بثلاثة أشهر هو أمر محسوب بعناية لأن الرئيس الأمريكي الجديد سيتولي مهامه في هذه الفترة مما يعني أن احتمالية اندلاع الحرب قد تتم في فبراير أو مارس من العام القادم ويقوي ذلك التفسير تواجد ألف جندي أمريكي في إسرائيل وعدم مغادرتها لها بعد انتهاء المناورات. ولا شك أنه إذا ما حدثت حرب ضد ايران لا سمح الله لن تكون سهلة وإنما ستكون لها تداعيات خطيرة علي المنطقة ويعزز هذه المخاوف الحشد الغربي في منطقة الخليج العربي حيث تتواجد ثلاث حاملات طائرات أمريكية وأخري بريطانية بالاضافة إلي مئات البوارج والسفن والزوارق الحربية التي تجري مناورات متواصلة. كل التطورات تكاد تجزم بأن هناك خطة محكمة تمت صياغتها بالفعل بين أمريكا والكيان الصهيوني يجري بمقتضاها تحديد ساعة الصفر لبدء الهجوم المشترك لهما علي إيران ولكن فيما إذا نشبت هذه الحرب علي أرض الواقع سيكون العرب هم أكثر المضارين فيها وستكون بالقطع زاخرة بالمفاجآت معارك في الجو وفي عرض البحر ستبدو معها حرب يوليو 2006 نزهة قصيرة سيتضاعف بلاشك قلق إسرائيل حيال حماية جبهتها الداخلية التي تضم نحو سبعة ملايين نسمة ومبان ومنشآت عسكرية واقتصادية في ظل التطور السريع للصواريخ البالستية والقذائف الصاروخية والطائرات الاستكشافية الصغيرة وما قد يكون قد طرأ علي الصواريخ بحيث باتت أكثر دقة في إصابة الهدف ويأتي الدعم الأمريكي هنا كطوق نجاة لإسرائيل لاسيما في المناورات المشتركة والتدريب والمساهمة الفعالة في التطوير والإنتاج.