حالة من الارتباك في المصانع والشركات بعد قرار وزارة البترول رفع أسعار الغاز بأثر رجعي من يناير الماضي وذلك في إطار محاولة الحكومة خفض الدعم علي المواد البترولية خلال الفترة القادمة إلي نحو 70 مليار جنيه. خبراء أسواق المال انتقدوا هذا القرار مؤكدين أنه سيكون له أثاره السلبية علي أداء الشركات خلال المرحلة المقبلة علي نتائج اعمالها خاصة وشركات الحديد والأسمنت، كما أنه سيؤدي إلي خفض معدلات الربحية لهذا الشركات. الصناعات الثقيلة في البداية، يقول عمرو صابر خبير أسواق المال إن الحكومة تعكف خلال الفترة الحالية علي دراسة خفض دعم الطاقة من 110 مليارات جنيه في موازنة 2011/2012 إلي 70 مليار جنيه في العام المالي الحالي وذلك في إطار جهود إعادة هيكلة الدعم ليصل إلي مستحقيه وبما يتلاءم مع شروط صندوق النقد الدولي للحصول علي قرض الصندوق. وأوضح أن هذه القرارات سوف تؤثر علي الشركات "كثيفة استهلاك الطاقة" المقيدة بالبورصة مثل شركات الحديد والصلب وشركات الكيماويات والأسمنت والأسمدة والألومنيوم (مثال حديد عز، الحديد والصلب المصرية، عز الدخيلة، وقطاع الأسمنت بما فيه من شركات أسمنت سيناء وأسمنت الإسكندرية وقطاع البتروكيماويات وقطاع الكيماويات أبوقير للكيماويات مصر لصناعة الكيماويات كيما وأخيرا مصر لصناعة الألومنيوم)، مشيرا إلي أن تلك القرارات ستؤدي إلي انخفاض معدلات الربحية الحالية بما يوازي 10% بالنسبة لقطاع الأسمنت وما يوازي أقل من 4% بالنسبة للألومنيوم والحديد. وأضاف أنه سوف ترتفع تكاليف تلك الشركات المباشرة وغير المباشرة مما يعني تراجع صافي أرباح الشركات مما يؤثر علي مؤشراتها المالية وبالتالي انخفاض القيم العادلة للأسهم، أما بالنسبة للأداء الفني وأسعار التداول فسوف تؤثر تلك القرارات علي الأسعار الحالية للأسهم وقد تهبط بنسب أكبر أو مساوية لنسب انخفاض الارباح حيث أن الاداء الفني للسهم يسبق الأداء المالي ويعكس الأحداث التي تدور في الشركة قبل حدوثها. وأضاف أن الحكومات السابقة كانت تعتبر نظام الدعم الآلية الرئيسية لإعادة توزيع الدخل ومواجهة مشكلة الفقر، ورغم ذلك لم تستفد الفئات الفقيرة من دعم الطاقة مقارنة باستفادة أصحاب الدخول المرتفعة، كما أن القطاع الصناعي خاصة الصناعات الكثيفة الاستخدام للطاقة تطرح منتجاتها باسعار لا تتناسب مع الهدف من الدعم وهو تيسير حصول المواطن المصري علي منتجاتها بسعر منخفض والمثال البارز علي هذه الحالة يتمثل في سلعتي الأسمنت والحديد اللتين تشهدان في كثير من الاحيان ارتفاعات غير مبررة. مخاوف المستثمرين وأكد أن المشكلة ليست في قرار رفع أسعار الطاقة للمصانع في حد ذاته، ولكن المشكلة في تخبط الحكومات المتتالية حيث إن اصدار قرارات جوهرية لها تأثير مباشر علي الجدوي الاقتصادية وعلي المشروعات الاستثمارية ثم التراجع عنها بشكل مفاجئ يتسبب في ظهور حالة من عدم الاستقرار في مناخ الأعمال المصري وهو ما يخيف المستثمرين الأجانب وهو ما قد يتيح الفرصة أمام الدول التي تنافس مصر علي جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة علي استغلال نقاط الضعف الموجودة لدينا في تشريعاتنا وقراراتنا الاقتصادية لصالحها حيث إن العديد من الدول تضع ميزات عديدة للاستثمار فيها خاصة فيما يتعلق بأسعار الطاقة. وأشار إلي أنه كان لابد قبل اتخاذ هذا القرار من دراسته من جميع الجوانب السلبيات قبل الايجابيات أو طرح الافكار والبدائل للنقاش المجتمعي علي أكبر فائدة بأقل خسائر ممكنة حيث إن تلك القرارات من شأنها زيادة حده المنافسة مع الواردات وتعرض البلاد لحالة من الإغراق من المنتجات المستوردة فلابد من أن يصاحب تلك القرارات اصلاح في النظام الجمركي وحماية المنتج المصري. فيما يري وائل أمين خبير أسواق المال أن هذا القرار سيؤثر سلبا علي صناعتين اساسيتين وهما صناعتا الحديد والأسمنت نظرا لأنهما صناعات استراتيجية ترتبط بالمنتجات البترولية، كما أن هذا القرار سيؤثر سلبا علي ميزانيات الشركات المدرجة في سوق المال والتي تعمل في هذه الصناعات وغيرها مثل مصانع السيراميك والزجاج، إلي جانب أنها ستؤثر أيضا علي قطاع النقل والشحن نظرا لاستخدامها الكثيف للمواد البترولية. أشار إلي أن منظومة الدعم لا توجه إلي مستحقيه في مصر فهناك مصانع كثيفة الاستخدام للطاقة وتصدر جزءا من إنتاجها للخارج وبالاسعار العالمية في الوقت الذي تدعم فيه الدولة هذه المصانع وهو أمر مرفوض لأنهم لا يستحقون هذا الدعم فهم يستغلون هذا الدعم في احتكار الصناعات المستفيدة من الدعم مثل الحديد. وأوضح أن دعم الطاقة داخل الموازنة العامة للدولة سينخفض إلي 70 مليون جنيه مقارنة بالعام السابق التي كان يصل دعم الطاقة قرابة 110 مليارات جنيه، مما سيكون بداية في رفع أسعار السولار والغاز والبنزين. أرباح الشركات وأشار إلي أن هذا القرار سيؤدي إلي تراجع أرباح عدد من الشركات وعلي رأسها قطاع الحديد وقطاع الأسمنت وقطاع النقل، موضحا أن شركات الأسمنت تتميز بالتوزيعات النقدية لمساهميها وبشكل سنوي لهذا تجذب شريحة كبيرة داخل البورصة المصرية.. وهنا يقع العبء علي مجالس إدارات تلك المصانع في الفترة القادمة لكي تجد حلولا تستطيع من خلالها أن تعود بمعدلات أرباحها إلي ما هي عليه في الوقت الذي كانت تتمتع فيه بهذا الدعم. وعلي صعيد آخر، قطاع البترول والغاز في مصر شهد نموا متزايدا في الطلب المحلي الذي بلغ نحو 28% خلال السنوات الخمس الماضية، حيث لم يتم مواجهة زيادة الطلب المحلي بنمو مماثل في الاقتصاد مما شكل ضغطا علي الاقتصاد القومي. وعلي صعيد آخر، يري الدكتور حنفي عوض الخبير الاقتصادي أن قرار رفع أسعار الطاقة للمصانع تم تطبيقه علي المصانع والشركات بأثر رجعي وهذا القرار سيكون له تأثير سلبي علي عدد كبير من الشركات في السوق المصري التي تحصل علي هذا الدعم.