ترسيخ الديموقراطية يعزز الانفتاح علي رؤوس الأموال الأجنبية الأرض الجدباء المتشققة تحتاج إلي مياه الأمطار حتي تنبت الزرع هكذا هو التوصيف الصحيح لأوضاع الاستثمار في مصر خلال فترة ما بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير ليس بسبب الخسائر الطبيعية لفترات التحول فقط لكن لطول الفترة الانتقالية لكن في النهاية رأس المال جبان ويبحث عن الاستقرار والأمان وهو ما دفعه للتراجع خلال العامين الماضي والجاري في شمال إفريقيا بسبب التوترات السياسية والاقتصادية لكن الهدؤه في النهاية هو مفتاح تنشيط الاستثمار كما يؤكد مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد" بجنيف الذي أصدر عدة تقارير نهاية الأسبوع الماضي عن مستوي الاستثمار العالمي، والتوقعات للعام الجاري تحت عنوان "نحو جيل جديد من سياسات الاستثمار" يشير فيها إلي أن الأزمة المالية والاقتصادية الراهنة دفعت العديد من الحكومات علي مواصلة جهودها من أجل تحرير وتشجيع الاستثمار الأجنبي علي أمل لجعله مصدراً للنمو. وفيما يخص قضايا الاستثمار تناول تقرير آخر تدفقات الاستثمار الأجنبي إلي الاقتصادات النامية أشار التقرير إلي انخفاض الاستثمار الدولي إلي إفريقيا للعام الثالث علي التوالي، ولكن التوقعات آخذة في التحسن، ليصل إلي 42،7 مليار دولار وقال: إن الانخفاض يرجع إلي تقلص تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في شمال إفريقيا وإلي توقف التدفقات الاستثمارية إلي مصر وليبيا فجأة العام الماضي، والتي تشكل أهمية اقتصادية رئيسية للاستثمار الأجنبي المباشر، وبسبب حالة عدم الاستقرار التي طال أمدها والسياسية والاجتماعية في هذه البلدان. وتابع قائلا: إن تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر إلي إفريقيا جنوب الصحراء الكبري عرف زيادة كبيرة من 29،5 مليار دولار في عام 2010 إلي 36،900 مليار دولار في عام 2011 واصفا النتائج بأنها مخيبة للآمال وتؤثر علي التوسعات للاستثمار وإيجاد القدرات في مجال عمليات الاندماج والاستحواذ العالمية، في حين تتركز المشاريع الكبيرة في عدد قليل من الدول الغنية بالموارد الطبيعية. أشار تقرير آخر للأونكتاد إلي تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر المتجه إلي دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 35% خلال عام 2011 وقال إن هذا التراجع يأتي في سياق هبوط الاستثمار الأجنبي المباشر لدول غرب آسيا بشكل عام للسنة الثالثة علي التوالي بقيمة إجمالية 16%. مؤكدا أن أسباب التراجع المتواصل تعود إلي عدم الاستقرار السياسي المستمر في المنطقة، حيث تم تأجيل بعض المشاريع أو إلغاء بعض منها بسبب حالة عدم اليقين من تداعيات الأزمة المالية العالمية وانتشار اضطرابات سياسية واجتماعية في المنطقة. الخبراء أكدو أن إشارة التقرير إلي التحسن المستمر في اقتصاديات الدول الناشئة ومنها شمال إفريقيا يدعو إلي التفاؤل معتبرين أن العامل المؤثر في شمال إفريقيا هو الاستقرار السياسي وهو ما بدأ يتجه إليه الاقتصاد في ليبيا ومصر. من جانبه يؤكد الدكتور محمد النجار الخبير الاقتصادي أن مصر ستشهد مرحلة جديدة أكثر شفافية وانفتاحا علي رؤوس الأموال الأجنبية وأن هناك حالة من التفاؤل تشير إلي أن مصر ستكون وجهة للاستثمارات الأجنبية المباشرة ولم تعد في حاجة إلي محاولات طرق الأبواب مثلما كان يحدث في الماضي بعد اختلاف المناخ السياسي للبلد عقب ثورة 25 يناير التي قضت علي رموز الفساد واسقتطتها واحدا تلو الآخر والأمل في اختفاء معوقات الاستثمار الأساسية التي كانت تتمثل في البيروقراطية والفساد الإداري. وأضاف أن التضحيات التي قدمها الاقتصاد المصري لا تمثل شيئا مقارنة بالاهدار المتعمد لأموال بعثات طرق الأبواب والبعثات الدبلوماسية لكننا الآن لا نقول عنها إهدارا بل تضحيات تجاه الأفضل خلال الفترة المقبلة وأضاف أن مصر لم يلحق بها أي ضرر وستصبح وجهة لتدفق الاستثمارات العربية والأجنبية بل علي العكس فإن رد فعل معظم المستثمرين العرب بعد أحداث ثورة 25 يناير كان إيجابيا جدا رغم الاضطرابات وطول الفترة الانتقالية. وتلتقط أطراف الحديث الدكتورة منال متولي مدير مركز الدراسات الاقتصادية بجامعة القاهرة مؤكدة أن الاستثمار الأجنبي وأي تدفقات خارجية تعتمد علي المقام الأول علي الهدوء والاستقرار فكلما كان هناك استقرار ونشاط طبيعي ارتفع النمو الاقتصادي بشكل أكبر، ولكننا كلما تقدمنا خطوة نقوم بتعطيل انفسنا من جديد عشرات الخطوات، فبسبب بعض اللعب في الفترة الانتقالية وتقديم المزايا والمكتسبات الشخصية علي حساب الوطن فالمعروف أن رأس المال جبان ويسعي إلي البحث دائما عن مكان مستقر وآمن فنحن الآن في مرحلة لا تشجع علي النمو أو زيادة الدخل أو جذب الاستثمارات لأننا نعاني في هذه الأيام من أشد المخاطر الاستثمارية وهي فقدان الأمان وعدم الاستقرار فإذا لم يحدث جديد فإن التحسن الاقتصادي سيحدث ولكن ببطء مع الحذر والترقب فهناك تفاؤل بلا شك ولكن لابد أن نهدأ قليلا حتي يستعيد الاقتصاد عافيته مرة أخري ونحافظ علي ما تحقق عن مكاسب.