تشهد العلاقات المصرية مع بعض دول الجوار بعض التوترات علي الساحة السياسية مما قد يؤثر بدوره بشكل سلبي علي العلاقات الاقتصادية .. ويري المحللون الاقتصاديون أن هذه الازمات تسهم بشكل كبير في خفض التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري . يقول محمد سعيد خبير أسواق المال إن حكومات مصر المتعاقبة تسعي إلي تكريس العمل علي سن القوانين التي تشجع الاستثمار وإعطاء المحفزات الاستثمارية التي من شأنها أن تجذب رؤوس الأموال الخارجية للاستثمار في مصر. واتفاقا مع هذا المبدأ فإن سياسة مصر الخارجية تعمل علي الاستفادة من موقع مصر الإقليمي الجغرافي والدور السياسي والمحوري لمصر في منطقة الأكثر التهابا في العالم. إلا أن هذا الدور بدأ في الاهتزاز بشكل واضح في الفترة الأخيرة والتي شهدت انفعالات شعبية أثرت علي علاقة مصر ببعض دول الجوار الشقيقة. أزمات متكررة فقد شهد حصار السفارة الإسرائيلية والذي أدي لاقتحامها في النهاية إلي توتر الدبلوماسية المصرية بشكل كبير وانعكس وقتها علي التصنيف الائتماني لمصر وهو ما أشارت إليه مؤسسات التصنيف الائتماني حول استفادة مصر من حالة السلم التي عاشتها مصر في السنوات الأخيرة والتي أصبحت محل شك بعد هذه التوترات مع إسرائيل بعد اقتحام سفارتها وتهديد أرواح بعثتها الدبلوماسية وقد تجددت بعض هذه المخاوف مع قطع الغاز الذي كان يصدر لها علي مدار السنوات الماضية خاصة مع بعض التصريحات غير المسئولة من جانب مسئولي الكيان الاسرائيلي. ويضيف ثم أتت الاحتجاجات الشعبية أمام السفارة السعودية لتضيف بعدا آخر مختلفا لأبعاد السياسة الخارجية لمصر وعلاقتها بالنشاط الاقتصادي فطبيعة العلاقة بين دولتين شقيقتين كمصر والسعودية تختلف تماما عن طبيعة علاقتها بدولة مثل إسرائيل . فالمستثمر السعودي يشكل أحد أهم موارد الاستثمار الخارجي بمصر وإن كان هذا الاستثمار قد تأثر بوضوح في عام 2011 والذي شهد غيابا أمنيا كبيرا أثر علي ثقة المستثمرين وأدي إلي إغلاق بعض المشروعات الاستثمارية الصغيرة إلا أن جانبا كبيرا منهم لا يزال مستثمرا رئيسيا في مشروعات عملاقة وليس بعيدا عن الأذهان ما انتهجه الوليد بن طلال في حل أزمة التعاقدات التي لم تحظ برضاء شعبي في توشكي والذي قرر التنازل عن جانب من حصته تقديرا للثورة المصرية ويؤكد سعيد علي أن هذا الغضب الشعبي الذي تسبب في تهديد للبعثة الدبلوماسية السعودية والذي قامت الخارجية السعودية علي أثره بإغلاق سفارتها وقنصلياتها بالإسكندرية والسويس من شأنه أن يعيد للأذهان الاستثمارات الخارجية من جنسيات أخري غير السعودية مخاوف الانفلات الأمني التي كنا نعتقد أنها أصبحت أقل مما كان منذ شهور مضت إلا أن عدم قدرة أجهزة الأمن علي توفير الحماية للدبلوماسيين من شأنه أن يتسبب في عزوف رؤوس الأموال التي قد لا تثق في القدرة علي حمايته. مؤسسات التصنيف ويشير إلي ان توترات الدول أيضا مع دول الجوار عادة ما تكون سببا مباشرا في قيام مؤسسات التصنيف الائتماني بخفض التصنيف وهو ماسبق وأن عانته مصر منذ عدة اشهر وقد تشهده مرة أخري خلال الفترة القادمة مالم يحدث تقدم واضح علي الأرض علي الصعيد السياسي والتقدم علي طريق التحول الديمقراطي خاصة مع استمرار النزيف في احتياطيات النقد الأجنبي. هذا الخفض أيضا من شأنه أن يضر بجاذبية الاقتصاد المصري من ناحية ومن ناحية أخري يصعب مفاوضات صندوق النقد الدولي الجارية للحصول علي تمويل يسهم في سد ملح لعجز الموازنة. أما علي صعيد سوق العمل والذي شهد ارتفعا حادا في معدلات البطالة بين المصريين في عام الثورة 2011 وذلك بسبب إغلاق بعض الأنشطة الاقتصادية الصغيرة وقيام البعض الآخر بتخفيض نشاطه للتواكب مع الانكماش الذي شهده الاقتصاد المصري. كما تأثر أيضا بعودة نسبة من العمالة المصرية من دول انتقل إليها الربيع العربي مثل ليبيا وسوريا ودول أيضا لم تعد علي نفس القدر من الترحيب بالعامل المصري كدول الخليج. سوق العمل من أكبر جوانب التضرر الذي قد يشهده الاقتصاد المصري من جراء توتر العلاقات مع السعودية حيث يعمل بها طبقا لأحدث التقديرات 2 مليون مصري وهو أيضا كفيل بغلق الباب أمام نسبة ليست قليلة كانت تسعي للسوق السعودي كسوق عمل بديل للسوق المصري المتضرر بشدة اقتصادياً. السياحة ويوضح أن قطاع السياحة شهيد 2011 والذي يعتمد جزء منه علي السياحة الدينية من شأنه أن يتأثر تأثرا شديدا بصعوبة الحصول علي التأشيرات اللازمة للحج والعمرة الذين يقبلان علي موسمي عمرة رمضان ويليها فريضة الحج. فيما يقول وائل أمين خبير أسواق المال إن الاستثمارات العربية بشكل عام كان لها دور كبير في البورصة و الاقتصاد المصري وتحديدا في فتره ما بعد ثورة يناير و هو ما ظهر واضحا في البورصة المصرية بعد إعادة افتتاحها و إن كنا نعول علي الافراد و المؤسسات المصرية في الفترة القادمة للنهوض بالاقتصاد المصري إلا أنه لا يمكن ان نتصور عدم وجود استثمارات عربية سواء كانت تلك الاستثمارات مباشرة عن طريق المشاركات في مشروعات أو غير مباشرة عن طريق البورصة المصرية. واتوقع حلا سريعا للازمة مع السعودية بدليل عودة القنصليات للعمل.. مشيرا إلي أن وضع السوق حاليا لن يعطي الفرصة لتخارج العرب وإن كانت استثماراتهم كبيرة فمعظم اسهم السوق المصري لا تتمتع بالعمق الذي يسمح بهذا التخارج و أيضا احجام التداول لا تسمح بتخارج نسب كبيرة من الاستثمارات خارج السوق المصري . ويؤكد أن الاقتصاد مرتبط ارتباطا وثيقا بالسياسة إلا أن الوضع لن يبقي كذلك طويلا و خاصة في ظل التبادل التجاري بين مصر والسعودية والذي وصل خلال الثلاثه أشهر الأولي من العام الحالي إلي 1.2 مليار دولار وبلغت حصة استثمارات السعوديين في البورصة المصرية حوالي 8 % محتلين بذلك المركز الثاني بعد دولة الإمارات و كل تلك المعطيات السابقة تؤكد صعوبة سحب الاستثمارات السعودية من السوق المصري ففي احيان كثيرة جدا نري الاوضاع الاقتصادية تضغط لحل الازمات السياسية بطريقة مرضية لطرفي الازمة. و يؤكد علي أن الاقتصاد المصري يحتاج إلي توطيد العلاقات بجميع الدول سواء كانت عربية أو غير عربية فالوضع يحتاج إلي رسم سياسة اقتصادية جديدة تساعد علي زيادة التبادل التجاري بيننا و بين جميع الدول فالوضع الحالي يحتاج إلي أن تهدأ الامور و تستقر لانها لو استمرت و تصاعدت سيؤدي إلي تدهور الاوضاع الاقتصادية. مشاكل المستثمرين ويشير إلي أن هناك كل يوم أزمة تتفاقم ففي معظم الأماكن اعتصامات و تظاهرات وأزمة بين الحكومة و مجلس الشعب و امتدت الأزمات لتطال احدي الدول العربية فبدلا من أن نحاول وضع حلول لمشكلات البلاد نزيد منها لتصبح تلك المشكلات داخلية و خارجية. و يقول احمد عبدالعال رئيس قسم البحوث بشركة العمالقة لتداول الاوراق المالية إن التوترات السياسية التي شهدتها مصر مع الدول الخارجية سواء العربية أو الأجنبية تسهم في خفض التصنيف الائتماني لمصر مما أثر علي أداء الاقتصاد المصري بشكل سلبي وساهم في هروب الاستثمارات الاجنبية من مصر . أشار إلي أن التوترات الأخيرة قد أثرت بشكل كبير علي قطاع السياحة وهو القطاع الأكثر تضررا من الأحداث التي تشهدها البلاد.