شهدت مصر خلال العقود الثلاثة الماضية حالة من التوتر في العلاقات المصرية الإيرانية، مما جعل حجم التبادل التجاري بين البلدين ضعيفا جدا لا يقارن بحجم التبادل التجاري المفروض علي الدولتين، حيث أنشئت مصر في عصر النظام السابق مجالس اقتصادية للمستثمرين بجمعية رجال الأعمال في معظم الدول إلا دولة إيران، مما يؤكد عدم التعاون بين البلدين بالشكل الكافي.. وتجددت الاقتراحات مؤخرا بإعادة التعاون مع إيران مرة أخري بعد ثورة يناير، وثار جدل حول إعادة تفعيل العلاقات بين البلدين لتوسيع العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث وصل حجم التبادل التجاري بين البلدبن خلال الفترة من 2004 إلي 2009 إلي 120 مليون دولار، حيث بلغ حجم الصادرات 86.8 مليون دولار خلال عام 2009، والواردات بلغت 33.8 مليون دولار من نفس العام. وتتمثل الاستثمارات الإيرانية في مجموعة من المجالات المهمة مثل شركات الغزل والنسيج في المنطقة الصناعية بشمال خليج السويس بتكلفة 400 مليون جنيه، ومصنع مشترك لإنتاج الأسمنت في مدينة بني سويف المصرية بطاقة 1.3 مليون طن واستثمارات تتجاوز 226 مليون دولار يسهم فيها الجانب الإيراني بنحو 50 % .. وعلي صعيد آخر تستورد إيران من مصر اليوسفي، والتبغ، والزجاج، وفحم الكوك، وقضبان حديد.. وهو ما أثار التساؤلات حول مدي إمكانية توسيع العلاقات الاقتصادية بين مصر وإيران خلال الفترة المقبلة، لذلك تترك "العالم اليوم الأسبوعي" إلي هذا الموضوع لمعرفة مدي نجاح هذه العلاقة بين البلدين، وما أهم المجالات التي يمكن أن نتوسع فيها؟. فيقول عبد العليم النوراة رئيس مجلس الأعمال المصري التونسي لاشك أن فتح باب التعاون مع إيران مرة أخري سيعود بمردود إيجابي علي الدولتين، وذلك بعد توقف حركة التعاون دامت لأكثر من 30 عاما منذ أيام السادات، حيث كانت الدولتين تتعاون مع بعضها في أضيق الحدود، مشيرا إلي أن قطع أي علاقة مع أي دولة صديقة لايصلح بين الدول، فيجب فصل السياسة عن الإقتصاد. وأوضح أن إيران تدرك وجود عوامل يمكن أن تسهم في استمرار القطيعة بينها وبين مصر، الأمر الذي دفع طهران لإبداء مرونة قوية في حل ملفات الخلاف الشكلية علي الأقل ومنها إعلان وزير الخارجية الإيراني أن إيران تبحث حل مشكلة اسم شارع خالد الاسلامبولي قاتل الرئيس السادات، واقتراح تسميته شارع الشهداء تقديرا لثورة 25 يناير . وأضاف أن التعاون الاقتصادي مع إيران سيحل الكثير من المشاكل الإقتصادية المصرية، موضحا أن إيران دولة مصدرة كبري خاصة في مجال البترول، فهي دولة بترولية كبري، مشيرا إلي أنه جاء الوقت لفتح المجال إقتصاديا أمام الدولتين لزيادة حجم التبادل التجاري بينهما في ظل وجود تسهيلات بين الدولتين ومنها إلغاء الجمارك بين الطرفين، مشيرا إلي أن حجم التبادل التجاري بين الدولتين كبيرا جدا أكثر من أي دولة أخري، ومع ذلك كان حجم التبادل التجاري الإيراني أقل بكثير من دبي حيث بلغ حجم التبادل التجاري المباشر بين مصر وإيران خلال عام 2009 إلي 100 مليون دولار، مقسمة بالتساوي بين الجانبين في حين أن حجم التبادل التجاري بين دولة الإماراتوإيران بلغ عام 2009 أكثر من 10 مليارات دولار أمريكي، وتوقع زيادة حجم التبادل التجاري بين الدولتين إلي 5 مليارات جنيه. وأوضح النوراة أن هناك العديد من المجالات لزيادة التبادل التجاري بين الدولتين بدايتها الغزل والنسيج، فمصر في حاجة إلي القطن الإيراني، حيث يعد القطن من أهم المحاصيل لدي إيران، هذا بالإضافة إلي أنه لابد من الاستفادة من خبرة إيران في النقل البحري والجوي، خاصة أن إيران لديها أسطول نقل بحري قوي يمكن أن يخدم الصادرات المصرية، بالإضافة إلي مجال البتروكيماويات. وتعد المنتجات الرئيسية المصنعة في إيران هي الأسمنت والبتروكيماويات من خلال شركة إيران القومية للبتروكيماويات، فيجب أن تتعاون مصر مع إيران في هذه المجال، بالإضافة إلي انه لابد من التعاون بين البلدين في صناعة السيارات وأن تتاح الفرصة لشركات السيارات الإيرانية أن تدخل في شراكة مع النصر لصناعة السيارات، مؤكدا أنه توجد مناطق عديدة مؤهلة للتعاون بين مصر وإيران يجب الاستفادة منها دون تباطؤ. ويري النوراة أنه لا توجد أي مشكلة في تنمية العلاقات الاقتصادية بين مصر وإيران ولا يجب الالتفات إلي معارضة أمريكا وإسرائيل لهذا التعاون لأنه قد يكون مثمرا اتفاقية الكويز مع إسرائيل مثلا.