يؤكد أساتذة الاقتصاد أن ارتفاع العجز في الموازنة العامة للدولة يعد أمرا طبيعياً خاصة في ضوء تراجع إيرادات الدولة من الضرائب والسياحة وتزايد الانفاق العام بسبب مخصصات أسر الشهداء وزيادات الأجور والعلاوات والمعاشات والتي بلغت نحو 7 مليارات جنيه في المتوسط. ورأوا أن علاج العجز يجب أن يكون بصورة غير تقليدية مؤكدين علي إمكانية الجمع بين أكثر من طريقة لعلاج العجز وبما ينعكس إيجابيا علي الموازنة. وأوضحوا إمكانية اقتراض الدولة من الخارج عن طريق الصندوق والبنك الدوليين بالإضافة إلي إصدار سندات وأذون خزانة للاقتراض المحلي لعلاج العجز بالإضافة إلي إمكانية اللجوء للدول العربية للمساعدة بمنح وقروض بشروط ميسرة ولفترات سماح طويلة نسبياً، كما يمكن قيام الحكومة ببيع الدين لمجموعة من الدول العربية. وأكدوا علي ضرورة استقلالية عمل البنك المركزي عن الحكومة حتي يمكنه اقراض الحكومة وفقا للشروط الائتمانية لمنح أي ائتماني كما يجب محاسبة الحكومة عن أوجه تمويل الانفاق، موضحين إمكانية زيادة إيرادات الدولة بفرض ضرائب غيرمباشرة علي بعض السلع كالسجائر بالإضافة إلي السعي نحو تطبيق الضرائب التصاعدية وتنشيط الاستثمارات. وكان تقرير البنك المركزي قد أظهر زيادة حجم الدين العام المحلي في الربع الرابع من 2010-2011 ليسجل 1،044 تريليون جنيه وهوما يمثل نسبة 76،2% من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 888،166 مليون جنيه خلال نفس الفترة من العام الماضي والذي يمثل نسبة 73،5% من الناتج المحلي الإجمالي وقتها. ويري د.حسن عبيد أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة أنه من الطبيعي أن يرتفع العجز في الموازنة العامة للدولة في أعقاب ثورة 25 يناير خاصة مع زيادة الانفاق العام مؤكدا أنه ليس بالأمر السلبي. وأوضح أن زيادة الانفاق العام بعد الثورة بسبب مخصصات أسر الشهداء ومصاريف العلاج لمصابي الثورة في الخارج بالإضافة إلي زيادة العلاوات ورفع المعاشات والحد الأدني للأجور مشيرا إلي أن تكلفة هذه الزيادات تقدر بنحو 7 مليارات جنيه في المتوسط وذلك طبقا لتصريحات الحكومة حول زيادات الأجور والمعاشات. وأضاف أنه مما ضاعف من زيادة العجز في الموازنة العامة هو تراجع الإيرادات العامة للدولة من الضرائب المباشرة وغير المباشرة نتيجة تواضع النشاط الاقتصادي خلال عام 2011 مشيرا إلي أن حصيلة الضرائب تقدر بنحو 2،4 مليار جنيه، بالإضافة إلي الرسوم الجمركية والتي تبلغ 3 مليارات جنيه. وعن سبل علاج تفاقم العجز في الموازنة العامة للدولة يؤكد د.عبيد وجود ثلاثة طرق الأول: يتمثل في إصدار الحكومة لسندات وأذون الخزانة المشتراة بواسطة الجهاز المصرفي منوهاً إلي أن هذا الأسلوب قد يؤدي إلي زيادة التضخم ورفع الأسعار، إلا أنه يعد غطاء للعملة أو كمية النقود التي يصدرها المركزي، ولكنه قد يؤدي إلي انخفاض الاستثمار المحلي. ويري أن الاقتراض من الداخل يعد أمراً صعباً خاصة إذا كان من شأنه زيادة المعروض النقدي وزيادة التضخم مؤكداً علي إمكانية اقتراض الدولة من الخارج حيث يوجد عرض مقدم من البنك الدولي لاقراض الحكومة نحو 4 مليارات دولار بفائدة 1،5% خاصة أنه قرض بدون شروط أو أية تدخلات يمكن أن تؤثر علي السيادة الوطنية. ويعول د.عبيد علي مساعدة الأشقاء من الدول العربية مشيرا إلي أن هذه المساعدة ليست تسولاً وإنما هي قروض بشروط ميسرة ولفترة سماح طويلة كما كان يحدث أيام الملك فهد ومن قبله خالد بن عبدالعزيز، حيث يمكن سداد القرض بعد فترة سماح 3 سنوات يمكن خلالها للدولة الوقوف مرة أخري واسترجاع اشنطتها المتوقعة مثل دخل السياحة وغيره. ويري أن الجمع بين الثلاث سبل لعلاج العجز يكون مفيداً من إصدار السندات والتفاوض مع البنك الدولي وتلقي المساعدات من الدول العربية، بالإضافة تعظيم إيرادات الدولة بفرض ضريبة تصاعدية كما هو متبع في كل الدول المتقدمة بحيث تدفع ضريبة 5% أصحاب الدخول التي تزيد علي 10 آلاف جنيه و10% أصحاب الدخول حتي 20 ألف جنيه و30% علي الدخول حتي 30% وهكذا.