مفهوم بالطبع أن يرفض البعض اللجوء إلي صندوق النقد الدولي للحصول علي قرض منه يبلغ 2.3 مليار دولار للاسهام في تمويل عجز الموازنة.. فقد كان المجلس الأعلي للقوات المسلحة من قبل رافضا هذا القرض بل أوقف تنفيذ اتفاق سابق معه توصل إليه وزير المالية الأسبق د.سمير رضوان وكانت الوزيرة فايزة أبوالنجا مع هذا الرفض أيضا.. فتاريخ صندوق النقد الدولي معنا ليس طيبا؛ لأنه تاريخ حافل بمحاولات فرض شروط وإلزامنا بتنفيذ برامج تقشفية عادة ما ترهق أصحاب الدخول المحدودة والفقراء.. ولعلنا ونحن لانزال نعيش في شهر يناير نتذكر الانتفاضة الشعبية في 18 و19 يناير 1977 التي انفجرت في أعقاب إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي وبدء تنفيذ أولي خطوات الاتفاق التي شملت تخفيضا لنصف الدعم مما أدي إلي زيادة أسعار قائمة طويلة من السلع الأساسية والضرورية في مقدمتها الخبز؛ ولذلك فمن المنطقي والطبيعي أن يعلن واحد من المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية اعتراضه علي الاتفاق الجديد الذي يتم التفاوض حوله الآن للحصول علي قرض من صندوق النقد الدولي خاصة إذا كانت خلفيته ناصرية وهو حمدين صباحي مؤسس حزب الكرامة الذي احتفظ بنقاء ناصريته رغم سعيه وانخراطه في تحالفات سياسية شتي حتي مع خصوم الناصرية وهم الإخوان المسلمون. كل ذلك مفهوم.. ولكني مع ذلك لم أستوعب الاقتراح البديل الذي قدمه ابن جيلي الذي انتمي إليه تقريبا حمدين صباحي كبديل للاقتراض من الصندوق.. فهذا الاقتراح الذي يتضمن بنودا عديدة في جوهره هو استبدال ديون بديون أخري! أي انه بدلا من الاقتراض من صندوق النقد الدولي فإنه يقترح الاقتراض ولكن من آخرين بدلا منه.. أما الاقتراض فلم يختل بينما الاستدانة فإنها تظل قائمة لا تتغير! فهو يقترح باستثناء السعي لزيادة الاعتماد علي المصريين في الخارج من خلال إسهامات طوعية لهم، بطرح سندات خزانة للحصول علي قروض سواء من البنوك التي تحتفظ بودائع لديها من النقد الأجنبي، أو سندات خزانة للاقتراض الخارجي سواء من مصريين أو عرب أو أجانب.. وهكذا بدلا من أن يكون الاقتراض بانفاق يكون الاقتراض هنا باصدار سندات خزانة.. أي ان النتيجة في النهاية هي ديون تستبدل بديون أخري والاختلاف فقط يتمثل في الدائنين. ولعلنا نتذكر كيف كان وزير المالية الأسبق د.يوسف بطرس غالي يطرح سندات خزانة جديدة ليسدد بقيمتها سندات خزانة سابقة حل موعد سدادها لتظل الديون علي مصر قائمة.. أي إنها كانت عبئا. ولعلنا نتذكر أيضا كيف رأي وزير المالية السابق د.حازم الببلاوي ان الاقتراض الداخلي ومن خلال طرح سندات خزانة صارت أعباؤه كبيرة تفوق أعباء الاقتراض الخارجي وذلك بعد اتجاه الفوائد للارتفاع. وهكذا.. كنت أتمني أن يتقدم ابن جيلي باقتراحات لتدبير تمويل للميزانية غير الاستدانة من الخارج والداخل. عبدالقادر شهيب