أكد الدكتور محمد العريان الخبير الاقتصادي ومدير مؤسسة بيمكو العالمية، أكبر شركة لإدارة السندات في العالم في مقال له بصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية أنه ينبغي علي أوروبا أن تعيد رسملة بنوكها، وذلك بسبب أزمة الديون التي تواجهها المنطقة. قال إنه لم تكن التوقعات بأن تزداد الأزمة الأوروبية سوءا، إلا أن مزادات السندات، والارتفاعات علي عائداتها أظهرا أنه يمكن أن تزداد أزمة أوروبا خطرا، ولن تقتصر المخاطر عليها فقط، بل ستمتد إلي الاقتصاد العالمي ككل، وستنتشر في كل دولة تقريبا. أضاف إن التطورات التي تشهدها أوروبا حاليا تجعل عند أي شخص شكا بأن يحدث تفكك لمشروع اليورو، وهو ما يسبب صعوبة لدي واضعي السياسة الأوروبية في اللحاق بالأًزمة، فضلا عن كيفية المضي قدما لمعالجة الأزمة. وأوضح العريان أنه ينبغي علي أوروبا أن تحدد مصيرها بشأن الديون السيادية والتي ينبغي أن تصل إلي مرحلة مستقرة، ولكن يتضح أن أوروبا بعيدة عن الوصول إلي تلك المرحلة حاليا، وواصل أنه ينبغي علي صناع القرار أيضا سرعة احتواء الضعف في القطاع المصرفي، وذلك عن طريق استخدام طرق وأساليب أكثر تماسكا فيما يتعلق برأس المال وعملية الرسملة وكفاءة الأصول والسيولة. ويضيف العريان أن الواضح خلال الوقت الحالي أن رأس المال بالنظام المصرفي في أوروبا ككل لم يعد كافيا لدعم ميزانيته العمومية، كما أن الميزانيات العمومية غير صحية في الوقت الحالي، وبالتالي ينبغي علي إدارات الأصول بالمصارف التوصل إلي حلول إيجابية بشأن إعادة التمويل. ولا يوجد شيء يساعد علي إدارة السيولة حاليا، كما أنه ليس من المستغرب أن هناك عددا كبيرا من البنوك الأوروبية الآن يعتمد كليا علي البنك المركزي الأوروبي والمؤسسات ذات الصلة، أو البرامج الوطنية التي يتولاها البنك المركزي الأوروبي في حالات الطوارئ مثل جمع التمويلات لانقاذ البنوك أو الدول التي تعاني من الاضطرابات أو مواجهة الافلاس، وذلك مثلما حدث مع اليونان. وبالتالي فالنظام المصرفي من الصعب أن يرجع إلي الوقوف والثبات مرة أخري خاصة في ظل عدم الموازنة بين المخاطر وتنويع الأصول التقليدية، فلم تعد هناك درجة محدودة من المخاطر نظرا لحجم ونطاق أزمة الديون الأوروبية، بالإضافة إلي غياب أدوات التحوط لدي الكثير من البنوك، بالإضافة إلي معدلات الفائدة التاريخية المنخفضة بشدة والتي اتبعتها كبري الاقتصادات علي مستوي العالم. قال العريان إن مشكلات القطاع المصرفي من أسوأ الأزمات، لأنها تقود الاقتصادات إلي أزمات متشعبة مما يجعل هناك فقدان للسيطرة عليها، وهو الأمر الذي يجعل واضعي السياسات بالمنطقة الأوروبية في مأزق شديد. ويري أحمد زينهم محلل أسواق المال أن الرسملة أو إعادة ضخ أموال في رأسمال المصارف تعتبر هي الطريقة الوحيدة التي تجعل البنوك تفي بتعهداتها لأسواق المال وللدائنين وللبنوك المركزية، كما أن إعادة رسملة البنوك مرتبطة بقدرات كل بنك في الاقراض والاقتراض بحد أدني لرأس المال، وأغلبية المصارف الأوروبية والعالمية غالبا ما تكون أسهمها التي تمثل رأس المال مدرجة بالبورصات مما يجعلها معرضة للمضاربة بعمليات بيع وشراء. وكبري البنوك الفرنسية مثل سوسيتيه جنرال وكريدي أجريكول خسرت نحو 60% من قيمة رأسمالها كبنوك في شهر ونصف الشهر تقريبا، وهذا يشير إلي أنها قد لا تتمكن من أن تفي بتعهداتها المالية للبنوك الدائنة، أو بتعهداتها من حيث السيولة لعملائها، أو بتعهداتها للبنوك المركزية من حيث الحماية من المخاطر المصرفية.