طوال مشوار حياتي لم يكن لي سكرتيرة أو سكرتير، حتي عندما كنت رئيسا لتحرير "صباح الخير" علي مدي ثماني سنوات، إذ كانت فايزة سكرتيرتي تشعر أن وجودها ينحصر في تنظيم وتنسيق مقابلاتي للضيوف فقط! ولكن سكرتيرة رئيس التحرير الفعلية هي نوال المحلاوي "رحمها الله" سكرتيرة الأستاذ هيكل فهي تكاد تكون ذراعه اليمني ولا أحد يسمع عن "سكرتيرة" بحجم هذه الكفاءة إلا نوال المحلاوي. وقد كانت سكرتيرتي المتواضعة فايزة تذكرني بموعد ما، فأقول لها "فاكر" ثم اشير إلي رأسي! كانت تقول ان موعدك مع رئيس مجلس الادارة، ثم اكمل لها العبارة:"الثلاثاء العاشرة صباحا"! كانت تقول مثلا: مواعيد اليوم هي، فأقاطعها: سأري فلانا لعرض قصص وعلانا ليكون مراسلنا في الخارج وفلانا لعرض روايته وسوف أرسلها لعلاء الديب لإبداء رأيه، وأشير إلي رأسي! وكانت فايزة تذهل بسبب ذاكرتي! ثم تمر الأيام وأصبحت سكرتيرتي الحسناء هي "أجندتي" التي اختارها من مكتبة معينة لأنها تتيح لي مذكرات يوم بيوم، أي كل يوم في السنة له صفحة مستقلة، وأدون فيها تفاصيل حياتي ومقابلاتي وما يجب أن أفعله، وما ينبغي أن أسدده!! واخترت لنفسي "منبه تقليدي" مزعج الصوت ليوقظني من نومي حسب مواعيد محددة في الصبح أو بعد الظهر وكنت استيقظ من النوم "مقريف" لأن صوت المنبه وهو يرن يوقظ الجيران. حتي جاء التليفون المحمول ومررت بكل مراحله، حتي اختراع شيء اسمه "الآي فون" فاذا به يوقظني بنعومة متي شئت ويعيد ايقاظي إذا غلبني النوم! وإذا به يذكرني بمواعيدي برفق عن طريق نغمة اختارها بنفسي! وإذا به يقدم لي درجات الحرارة لينبهني بحالة الطقس! وإذا به يمتنعي بقراءة صحف أبغي قراءتها! وإذا به يسليني بمقاطع مهمة من برامج أذيعت ولم أرها! واذا به يترك لي أسماء من سألوا عني وبضغطة بل بلمسة استطيع استدعاء كل من أرغب في الحديث معه! وإذا به يقدم لي "خرائط" تحدد لي أماكن أريدها بمجرد أن أمررها له! وإذا به ينفذ أمري اذا نطقت اسم انسان أريد مكالمته فيكفي أن انطق الاسم بالإنجليزية نطقا سليما! وصار "الآي فون4" هو سكرتيرتي الحسناء وأفضل مائة مرة من أي امرأة فيما عدا أن الآي فون لا يتعطر ولا يضع الزهور في آنية.