علي طريقة "مصائب قوم عند قوم فوائد" ورغم المطالب بخفض الاستيراد لتجنب مزيد من الضغوطات السياسية والاقتصادية علي العملة المحلية فإن كثيرا من البنوك لاتزال غير مكترثة بهذه النداءات وكشفت عن ساقيها فحسبته لجة وأدارت ظهرها وجعلت قبلتها تحقيق الارباح الناجمة عن فتح الاعتمادات المستندية وهو ما يشكل تعارضا مع مصلحة الاقتصاد المصري فما أشبه الليلة بالبارحة أيضا عندما غيرت البنوك قبلتها وولت وجهها للاستثمار غير المحدود في أذون الخزانة والسندات في طريق يبدو أنه - ومن وجهة نظر الخبراء - خال من الحجج المنطقية التي يقبلها العقل والعلم وفي المقابل يقف الجنيه حائراً بين ضربات الاستيراد في الداخل وحرب العملات الدائرة رحاها بين المعسكر الشرقي بقيادة الصين والولايات المتحدةالامريكية بين عمليات كر وفر .. وبين هذا وذاك تقف حكومة الانقاذ الوطني كعجوز يقف علي شفا جرف هار تتحدث عن أرقام وإنجازات في خفض عجز الموازنة وتقليل الضغط علي العملة دون المساس بالمواطن محدود الدخل في تصريحات رنانة خالية من المدلول الاقتصادي للآليات التي تداعب فقط أحلام البسطاء الذين لطالما راهن عليهم الجنزوري منذ اعتلائه منصب رئيس الوزراء. بداية القصة يذكر أن واردات مصر تزايدت حتي عام 2008 ثم بدأت في الانخفاض إلا أنها خلال العام المالي (2010/2011) حققت ارتفاعا أكبر من العامين السابقين حيث بلغت 50.8 مليار دولار وقد بلغ حجم وارداتنا خلال النصف الأول من العام أي قبل ثورة 25 يناير 24.8 مليار دولار زادت بعد الثورة لتحقق 26 مليار دولار وهو وضع يجب دراسته دراسة مستفيضة من خلال لجنة يشكلها المجلس العسكري ورئاسة مجلس الوزراء. ويعتمد جانب الاستيراد المصري علي عدد من الدول كمنبع للواردات الرئيسية فدول الاتحاد الأوربي أيضا تعتبر هي صاحبة الوزن النسبي الأهم في الهيكل النسبي للواردات إذ بلغت وارداتنا منها 18.1 مليار دولار، تليها الدول الآسيوية غير العربية وبلغت وارداتنا منها 10.8 مليار دولار ثم الدول العربية وبلغت وارداتنا منها 6.6 مليار دولار ثم أمريكا وبلغت وارداتنا منها 6 مليارات دولار، كما أن زيادة الواردات معناه زيادة حجم الاعتمادات المستندية المفتوحة وبالتالي زيادة عمولاتها المحصلة من البنوك وهو ما سيعود بالإيجاب علي الجهاز المصرفي المصري، كما أن زيادة حجم الاعتمادات معناها زيادة مارجات الاعتمادات وهي ودائع جارية بدون عوائد مدفوعة عليها غالبا تسهم في خفض تكلفة الودائع بما يمكن البنوك المصرية من تقديم ميزات نسبية علي فوائدها الدائنة والمدينة وهو ما يمكن أن يساهم في تدعيم قوائم دخلها ومراكزها المالية وزيادة نواتج أعمالها. ورغم ما لزيادة الواردات من سلبيات علي سعر صرف العملة الوطنية وكذا علي الميزان التجاري وميزان المدفوعات فإنها تشكل إيجابيات للبنوك وهو تعارض مصالح كثيرا ما تحدثنا عنه. والواقع يؤكد أن الصين ولرغبتها الشديدة في أن يحل اليوان الصيني محل الدولار كعملة للتجارة العالمية أبرمت مع البرازيل والهند والأرجنتين وروسيا وجنوب إفريقيا اتفاقيات مقايضة أدت لأن تكون 7% من تجارتها خلال الربع الأول من هذا العام بعملتها الوطنية وبالتالي فيمكن لنا دراسة هذه الاتفاقيات خصوصا أننا نستورد من الصين بما قيمته 3.9 مليار دولار ورغم ضعف صادراتنا لهم التي بلغت 0.3 مليار دولار فقط خلال العام المالي (2010/2011) فإن هذه الصادرات يمكن زيادتها بقليل من الجهد، كما أن دراسة هذه الاتفاقيات قد ينير لنا الطريق لمحاولة أن نعدها ونستخدمها مع أشقائنا العرب في ضوء أن وارداتنا منهم 6.6 مليار دولار وصادراتنا لهم 4.9 مليار دولار. ويتخلل هذه الارقام المزعومة مايتم تهريبه، فالارقام لم تتغير بل زادت رغم دعاوي المستوردين ألأن البنوك توقفت عن فتح الاعتمادات المستندية فقد قفزت من 49 مليار دولار قبل الثورة إلي 50.7 مليار دولار بعد الثورة بفارق 1.7 مليار دولار ومازال المستوردون يدعون ضيق الحيلة وتعجرف البنوك!!. تفاصيل المستوردات كشفت تقارير رسمية أن المصريين ينفقون ملايين الدولارات في استيراد سلع غير ضرورية من الخارج، حيث بلغ حجم المشتريات خلال ثلاثة أشهر فقط 669 مليون جنيه، من بينها أطعمة للقطط والكلاب ب 4.26 مليون جنيه، وتفاح طازج ب 25 مليونًا ولعب أطفال 61 مليونًا وأفاد تقرير بأن واردات مصر من السلع الاستهلاكية والترفيهية المعمرة وغير المعمرة بلغت نحو 5.4 مليار جنيه أي ما يعادل 8.16% من إجمالي واردات مصر، ورصد زيادة