حاول أن تفهم من هذه الأرقام ما تشاء.. ولكنها لن تشعرك أبدا بالارتياح ما لم تظهر صورة رقمية موحدة وقراءة متجانسة من جميع الأجهزة المعنية لحقائق ما يدور في التجارة الخارجية المصرية.. ومهما كانت الأرقام.. ومهما اختلتف قراءة الأعداد فالنتيجة واحدة وهي أن الميزان التجاري المصري مايل علي جنبه.. ولم يعدله ورغم التصدير ولا الجري وراء التسهيلات والدعم الذي أخذ شكل الدوار بدلا من الوضع المؤقت.. وأظهر تقرير حديث للبنك المركزي تراجع حجم التبادل التجاير ما بين مصر ودول العالم الخارجي من المعاملات السلعية بنسبة 9،5% وبقيمة 52،5 مليار دولار في الفترة من يوليو إلي مارس العام المالي 2009 2010 كما جاءت أرقام وزارة التجارة والصناعة لتؤكد أن الربع الأول من العام شهد زيادة ملحوظة في الصادرات السلعية غير البترولية بنسبة 22% مقارنة بالربع الأول من عام 2009 حيث بلغت قيمة الصادرات في هذه الفترة 26 مليارا و84 مليون جنيه مقارنة ب 21 مليارا و822 مليون جنيه في الربع الأول من عام 2009 وأكدت أن هذه الزيادة أوضحت بدء تعافي الصادرات المصرية غير البترولية من آثار الأزمة الاقتصادية وتأتي أيضا في إطار البرامج والاستراتيجيات التي تنفذها الوزارة لمضاعفة الصادرات إلي 200 مليار جنيه بحلول عام 2013. وفي نفس السياق كشف تقرير ثالث صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن واردات مصر من السلع الاستهلاكية والترفيهية المعمرة وغير المعمرة بلغت نحو 5،4 مليار جنيه أي ما يعادل 8،16 من واردات مصر كما رصد التقرير زيادة الواردات الاستفزازية يقدر نحو 5،2% وتتضمن طعاما للقطط وأنواعا معينة من الفواكه والمأكولات والعطور وأدوات التجميل كما تم فتح اعتمادات بنحو 2 مليون دولار لاستيراد فوانيس رمضان أما فاتورة استيراد الياميش فارتفعت في رمضان الماضي إلي 100 مليون دولار. جاءت كل هذه الأرقام من جهات حكومية بما يعكس التباين في إصدار البيانات حتي وأن أدي الأمر في النهاية إلي إعطاء انطباع سييء عن الاقتصاد المصري، والبنك الدولي وهيئة المعونة الأمريكية هذا ما أكده الخبراء حيث أضافوا أن الميزان التجاري لمصر به خلل واضح بسبب زيادة الواردات عن الصادرات رغم حصول الصادرات علي دعم منذ فترة طويلة والسبب تدهور أدوات الاقتصاد العيني وهما الناتج الصناعي والزراعي كما أن زيادة معدل الصادرات مؤخرا والذي تباهت به الحكومة لم يكن بالصورة المأمولة والتي تتناسب مع إمكانيات السوق المصري والذي يستسهل عملية الاستيراد عن بذل أي مجهود من شأنه زيادة الطاقة الإنتاجية لأي سلعة. دقة البيانات بداية يوضح عادل العزبي نائب رئيس شعبة المستثمرين أن الأرقام في مصر ليست مدققة بنسبة عالية فهناك أرقام تصدر عن مصلحة الجمارك ونجدها غير مطابقة مع الأرقام الواردة من الهيئة العامة للصادرات والواردات مضيفا: مع الأسف وبالتجربة الأرقام بها فروقات ناتجة عن أسلوب حساب يختلف من جهة إلي أخري فمثلا البنك المركزي يحصل علي معلوماته من الهيئة العام للصادرات والواردات ومصلحة الجمارك وأيضا فتح الاعتمادات المستندية سواء التي تفتح من المستوردين المصريين للاستيراد من الخارج أو اعتمادات للتصدير ولكنها لا تعبر إطلاقا عن حجم الصادرات والواردات، حيث من الممكن أن يحدث تلاعب في الفواتير بهدف الحصول علي دعم صادرات أو تخفيض قيمة الجمارك بالواردات مشيرا إلي أن هناك واردات وصادرات تدخل وتخرج من خلال تحويلات مباشرة من الداخل أو تحويلات مباشرة من الخارج كما أن هناك طريقة الحساب الجاري المتفق عليها بين الأطراف، متسائلا في ظل هذا التضارب من أين ستأتي الدقة في اصدار الأرقام؟ ويوضح العزبي أننا كمجتمع اقتصادي وثقافة مصرية لا نمتلك ثقافة الافصاح عن حجم العمل سواء تجارة أو انتاجا أو دخلا أو أرباحا، مشيرا إلي أنه اذا كان العمال يؤمن عليهم بأقل من الأجر الحقيقي فمن أين يأتي الإفصاح؟ وبالتالي فمعظم الأرقام في مصر مشكوك فيها منوها إلي أن المعادلة غير واضحة حيث لا نستطيع إطلاقا أن نحدد حجم إنتاج أو حجم صادرات أو واردات والبنك المركزي يجب أن نلتمس له العذر فهو يتعامل مع أرقام صماء أما وزارة التجارة والصناعة فهي تحدد الأرقام بناء علي حجم الانتاج الذي منحته التراخيص أو حجم الإنتاج المركز وقال إنه لا يمكن إنكار أن الصادرات المصرية حققت زيادة خلال الفترة الماضية ولكنها ليست بالطفرة المأمولة كما أعلنت الوزارة حيث مازالت الأرقام أقل بكثير مما يستحق السوق المصري أما فيما يتعلق بالواردات فهي تتسم بالسفه