حالة من الترقب تسيطر علي الأجواء الاقتصادية في مختلف القطاعات بعد ارتفاع أسعار الدولار ليتخطي حاجز ال6 جنيهات لأول مرة منذ 6 سنوات، وكانت أسعار صرف الدولار منذ اندلاع ثورة 25 يناير تحافظ علي مستوياتها لأقل من هذا الحد، إلا أنها لم تستمر كثيرا لتكسر الحواجز المتوقعة وتبدأ التخوفات من انحدار الجنيه المصري تدريجيا خلال الفترة المقبلة وقد سبق ذلك بيان المركزي الأخير حول تراجع الاحتياطي من النقد الاجنبي ردود فعل وجدل بين الخبراء بين تيار فسر ذلك بأنه أمر طبيعي بينما قال آخرون:إن الأوضاع خطيرة وبعيدا عن هذا الجدل فقد حاولنا تقديم رؤية تحليلية منطقية للأوضاع. يذكر أن احتياطي النقد الأجنبي لدي البنك المركزي وفقاً لآخر بيان وصل في نهاية أكتوبر من 2011 إلي نحو 22،1 مليار دولار، مقارنة ب24،1 مليار في نهاية سبتمبر وفي أكتوبر من العام الماضي، كانت الاحتياطيات الصافية تبلغ 35،545 مليار دولار كما قال نائب محافظ البنك المركزي هشام رامز في وقت سابق: إن مصر لن تفلس وليست علي وشك الإفلاس والاحتياطي الأجنبي لمصر في وضع قوي والاقتصاد في أمان وقال: إن الاحتياطي مازال قوياً، وفسر ذلك بأن المعايير الاقتصادية الدولية المتعارف عليها تصنف مرحلة الخطر الحقيقية لاحتياطيات الدولية عندما تغطي أقل من 3 أشهر من الواردات السلعية والتي تعادل 12،5 مليار دولار بالنسبة لمصر طبقا لأسعار السلع الاساسية والاستراتيجية التي نستوردها. الخبير الاقتصادي الدكتور محمد النجار أكد أن المؤشرات الاقتصادية التي يجري الحديث عنها باعتبارها علامة علي الانهيار الاقتصادية، وأولها استنزاف احتياطي مصر من العملات الحرة وهذا الاستنزاف تم لتغطية عجز الميزان التجاري وميزان الحساب الجاري ولتوفير النقد الأجنبي وضخه في السوق للحفاظ علي سعر الجنيه المصري مقابل الدولار والعملات الحرة الأخري والسببان اللذان تم استنزاف الاحتياطي من خلالهما يرتبطان بأوضاع سابقة علي الثورة أصلا، حيث إن العجز الهائل في الميزان التجاري لمصر، بلغ 25،1 مليار دولار في 2009/،2010 وبلغ عجز تجارة السلع والخدمات معا نحو 14،8 مليار دولار، نظرا لأن تجارة الخدمات التي تضم السياحة وقناة السويس تحقق فائضا وتعوض جزءاً من عجز التجارة السلعية، وإذا أضفنا تحويلات العاملين بالخارج التي بلغت 9،8 مليار دولار، وبعض التحويلات الأخري المحدودة، فإن ميزان الحساب الجاري أسفر في العام المالي المذكور عن عجز بلغ 4،3 مليار دولار وشكل العجز في ميزان الحساب الجاري نحو 2،3%، 2% من الناتج المحلي الإجمالي في عامي 2008/،2009 2009/2010 علي الترتيب، بعد ثمانية أعوام من الفائض بفضل السياحة وتحويلات العاملين في الخارج وايرادات قناة السويس وارتفاع أسعار النفط وقبل الثورة، انخفض سعر صرف الجنيه مقابل الدولا خلال عام من 5،45 جنيه لكل دولار، إلي نحو 5،8 جنيه لكل دولار، أي بأكثر من 6%. سياسة المركزي وأضاف أن سياسة البنك المركزي المصري الخاصة باستنزاف الاحتياطي الرسمي من العملات الحرة تعكس تفكيرا قديما وجامدا فقد سبق واستخدمتها بريطانيا عام ،1992 وثبت فشلها، واستخدمتها تايلاند عام 1997 واستنزفت احتياطياتها من العملات الحرة في الدفاع عن عملتها ولم تنجح وانهار سعرها، وانتهي الأمر بإعلان إفلاس تايلاند ولجوئها لصندوق النقد الدولي لتحصل علي قروض كبيرة مشروطة بتطبيق برنامج الصندوق، بينما تعرضت ماليزيا للأمر نفسه عام 1997 ولجأت للتسعير التحكمي المرن للعملة وترشيد الواردات لإعادة التوازن للموازين الخارجية معتبرا أن تجربة استنزاف الاحتياطي في الدفاع عن العملة، تجربة فاشلة، والأهم منها هو انهاء أسباب ضعف العملة وهو العجز في الموازين الخارجية من خلال ترشيد الواردات وتطوير الصادرات، وتبني سياسة واقعية في سعر الصرف يمكن أن تسمح بارتفاع أو انخفاض العملة في حدود 5% علي أقصي تقدير في الوقت الراهن دون استخدام للاحتياطي، حتي لو اقتضي الأمر تطبيق نظام سعر الصرف التحكمي المتغير كل ثلاثة شهور بناء علي التغيرات في المؤشرات الاقتصادية في مصر وفي الدول صاحبة العملات الحرة الرئيسية، علي أن يترافق مع ذلك عملية ضبط للأسعار وحماية حقيقية للمستهلكين من استغلال مثل هذا التغير في رفع الأسعار بلا مبرر.