تقول مجلة "تايم" ان العطش صار حقيقة تهدد حياة الانسان علي الأرض وان عددا قياسيا من نوبات الجفاف الشرسة ضربت كوكبنا الأرضي هذا العام من الصومال إلي تكساس إلي الصين وان تأثير ذلك سلبيا علي الامدادات المتوافرة لمياه الشرب كان هائلا أما مجلة فورتشن فلا تري العيب في الكوارث الطبيعية وحدها وانما هي تراجع تهديد العطش للناس إلي جملة عوامل هي الزيادة السكانية ونوبات الطقس السييء والتلوث الصناعي وتقول إنها في مجملها جعلت الماء سلعة نادرة وان الاستثمار فيها بالتالي سيكون فرصة للشركات التي تعرف كيف تجعل الميناء يتدفق عبر خطوط الأنابيب. وتذكر مجلة "تايم" ان 400 ألف صيني يعيشون علي ضفاف نهر يانجتس قد اضطروا إلي تحمل العطش بعد انخفاض مستوي النهر إلي أن فتحت لهم الحكومة بوابات السدود الثلاثة المقامة علي مجراه، وأن 10 ملايين صومالي يموتون جوعا وعطشا بسبب الجفاف ومعهم الملايين من قطعان الماشية التي يرتزقون منها اما في تكساس قد مكن الجفاف النار من التهام غابات مساحتها 6.1 مليون هكتار خلال الصيف الأخير ووصلت خسائر الناس في تكساس وحدها 5 مليارات دولار. وتقول الدراسات والأرقام أن أزمة المياه تتجه إلي ما هو أسوأ فقد جاء في تقرير نشرته مكنزي اخيرا أن المياه المتاحة علي كوكب الأرض لن تلبي سوي 60% فقط من حجم الطلب عليها بحلول عام 2030 وان المطلوب انفاق ما بين 50 - 60 مليار دولار سنويا من أجل تغطية هذه الفجوة وخاصة في مياه الشرب ويري جيمس فاميجيليتي الاستاذ بجامعة كاليفورنيا ان سبب هذه الفجوة ليس نقص كمية المياه عن تلك التي كانت في حوزتنا قبل 100 سنة مضت وانما لأن عدد المستهلكين زاد بنسبة 250% خلال ذلك القرن، وهذا بجانب أن التغيرات المناخية جعلت موارد المياه تتحرك بعيدا عن مناطق الكثاقة السكانية وهو ما يعني أن العالم أيضا صار يواجه مشكلة سوء توزيع في موارد المياه علي حد قوله فاميجيليتي. ومعروف أن العالم كان يتغلب علي مشاكل ندرة المياه في الماضي عن طريق استخراج المياه الجوفية، وبناء السدود التي تقلل من هدر المياه العذبة واقامة شبكات الأنابيب الكثيفة ولكن المشكلة الآن صارت ضخمة وتحتاج إلي حلول غير تقليدية من جانبي العرض والطلب علي حد سواء أي توفير موارد مياه بديلة إلي جانب ترشيد استخدام المياه العذبة في مختلف الأغراض من الزراعة والري والصناعة إلي الاستخدام الآدمي للشرب والنظافة.. وقبل أن نستفيض في الحديث عن الموارد البديلة وترشيد الاستهلاك يحسن أن نلقي نظرة علي حالة العالم المائية في الوقت الراهن بحديث مدعم بالأرقام. وهنا تقول الأرقام المدققة التي استقتها مجلة "فورتشن" من عدة مصادر موثوقة مثل البنك الدولي ومجلس المياه العالمي ومعهد الباسيفيك وغيرها أن متوسط استهلاك الفرد في العالم للمياه العذبة في أغراض الزراعة والصناعة والاستخدام اليومي 1003 جالونات في السنة أي نحو 4600 لتر بالمقياس الإنجليزي سنويا أي 6.12 لتر للفرد يوميا في المتوسط.. وتقول أرقام مجلس المياه العالمي إن هناك 1.1 مليار شخص من جملة تعداد البشرية يعانون من عدم وجود مياه نظيفة للشرب.. وليس صحيحا أن الاستهلاك الشخصي للمياه هو المسئول الأول عن هدرها وذلك لأن الزراعة وحدها تستوعب 71% من مياه العالم والصناعة تستوعب 16% والباقي 12% لباقي الأغراض بما في ذلك استهلاك الأفراد الشخصي. ويكفي أن تعرف أن الماء يدخل في كل شيء وأن إنتاج بنطلون جينز يحتاج 2906 جالونات وإنتاج رطل لحم 1857 جالونا، ورطل لحم دجاج 467 جالونا ورطل أرز 407 جالونات وحتي إنتاج رطل من الصلب يحتاج 31 جالونا من المياه.. وفي الفترة من عام 2005 2030 تتوقع مكنزي أن يبلغ تعداد سكان العالم 3.8 مليار نسمة وأن يزيد الطلب علي المياه سنويا بنسب متسارعة تبلغ في أمريكا الشمالية 43% وفي أمريكا الجنوبية 95% وفي أوروبا 50% والهند 100% والصين 47% أما إفريقيا جنوب الصحراء فستكون الزيادة بنسبة 283%. وتقول الأرقام أيضا إن الأمريكي العادي يستهلك 150 جالونا يوميا في المتوسط مقابل 23 جالونا للصيني في المتوسط ولو تصورنا ارتقاء حياة البشر جميعا إلي مستوي الحياة في الغرب فسنعرف إلي أي مدي سيزيد الطلب علي المياه.. أضف إلي ذلك أن زيادة تعداد سكان العالم سيعني الحاجة أكثر إلي المنتجات الزراعية وهو سيؤدي إلي زيادة الطلب علي المياه لأغراض الزراعة 42% عند حلول عام 2030 ولكن الأمل معقود علي علماء الأحياء الزراعية لاستنباط مزروعات قليلة الاستهلاك للمياه حتي يحدث التوازن المنشود بين الطلب والعرض. ومن الأشياء التي يمكن استخدامها للتأثير علي هدر المياه تسعير مياه الشرب علي نحو عادل لأنها لاتزال رخيصة جداً في كثير من دول العالم وتشجع علي عدم ترشيد الاستهلاك.. فكل 100 جالون من مياه الشرب ثمنها في مدينة بوينس إيريس 10 سنتات وفي مومباي 40 سنتا وفي