لا شك أن الموقف في ليبيا الآن أصبح محل اهتمام المجتمع الدولي أكثر من أي وقت مضي بل أصبحت طرابلس مركزا مهما للصراع بين القوي الكبري خاصة واشنطن وعدد من الدول الأوروبية في مقدمتها إيطاليا وفرنسا وبريطانيا للفوز بأكبر نصيب من تورتة إعادة الأعمال التي تتطلب أكثر من 100 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة وفقا لتقديرات خبراء الاقتصاد الدوليين. وفي الوقت نفسه تسعي الصين كقوي كبري إلي تدعيم علاقتها بالمجلس الانتقالي الليبي خاصة بعد تأخر اعتراف بكين بالمجلس كممثل شرعي للشعب الليبي حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية "ما تشاو شيوي" أن الجانب الصيني يؤيد جهود الأطراف المعنية الرامية إلي استئناف الاستقرار ودفع الانتقال السلس للسلطة في ليبيا ومعربا عن رغبة الصين في لعب دور إيجابي في عملية إعادة اعمار البلد الواقع في شمال افريقيا. وذكرت وكالة أنباء "شينخوا" في تقرير لها أن عدد المشروعات الصينية في ليبيا بحسب الإحصائيات الرسمية وصل إلي 50 مشروعا بقيمة 8.18 مليار دولار أمريكي تغطي معظمها مجالات البني التحتية ونظرا للحرب الضروس والاعتداءات المتقطعة التي طالت معظمها من قبل بعض الخارجين عن القانون تم تعليق هذه المشروعات بعد انفجار الأزمة في فبراير الماضي وأجلت السلطات الصينية أكثر من 35 ألف من رعاياها أيضا. وعلي الرغم من أن المتحدث باسم وزارة التجارة الصينية شن دان يانج ذكر أن حجم الخسائر التي تكبدتها الشركات الصينية في ليبيا لا يمكن تحديدها بدقة في ظل تطورات الوضع إذ إن الصين لم تكن لديها استثمارات مباشرة بالمعني الدقيق وإنما مشروعات مقاولات فقط إلا أن الصين اللاعب الرئيسي في مجال بناء البني التحتية في ليبيا، بكل تأكيد تعرضت لخسائر ضخمة بسببب الأحداث الجارية. وأضافت "شينخوا" أن التبادلات الاقتصادية والتجارية بين البلدين شهدت تطورا سريعا خلال السنوات الأخيرة حيث وصل حجم التجارة البينية إلي 5.33 مليار دولار أمريكي خلال الأشهر التسعة الأولي من عام 2009 من بينها 21 مليار دولار بنسبة 63% لصالح الصادرات الليبية إلي الصين وليس العكس. ومن المنطقي أن يستمر التعاون بين الحكومة الجديدة والصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم والعضو الدائم في مجلس الأمن الدولي، من أجل الصالح المشترك والتعاون المثمر للبلدين والشعبين. وفي هذا السياق أشار يانج قوانج رئيس معهد دراسات غرب آسيا وافريقيا التابع لأكاديمية العلوم الاجتماعية بالصين إلي أن النظام المقبل في ليبيا يتعين عليه أن يولي أولوية عليا للمصلحة الوطنية والنهج التنموي الذي يحقق للبلاد الرخاء والاستقرار والقوة علي الساحة العالمية. وتوقع يانج قوانج أن تتهافت الدول الغربية وعلي رأسها الولاياتالمتحدة وفرنسا علي كسب المزيد من المصالح الاقتصادية في ليبيا ما بعد الحرب خاصة في مجالات الطاقة والبناء والاتصالات ولاسيما قطاع النفط الذي كان له الحظ الأوفر في عهد القذافي. أما بالنسبة لمصالح الصين التي تنفذ 50 مشروعا قيد الانشاء في ليبيا فقال يانج قوانج إن الصين لها ميزاتها المتفوقة خاصة في مجالات الهندسة والبناء والتشييد، من حيث الجودة والمصداقية والوفاء بالعقود، وهي مستعدة للعودة للمساهمة في إعادة بناء ليبيا بعد الحرب. وأعرب يانج قوانج عن تفاؤله إزاء مستقبل العلاقات بين الصين وليبيا قائلا: إن أي نظام يتولي مقاليد الحكم حتي وأن ولد نتيجة لتدخل خارجي، لابد أن يضع مصالح الدولة في المقام الأول ويسعي إلي إيجاد توازن للقوي. ومن غير المفروض أن يخضع هذا النظام لقوة خارجية لمجرد كسب مساعدتها". وأوضح أن الصين تتمسك علي الدوام بالسياسة الخارجية المتمثلة في عدم التدخل في شئون الغير واحترام السيادة والسعي إلي التنمية المشتركة علي أساس المنافع المتبادلة والمكاسب المشتركة، مشيرا إلي أن "هذه السياسة قد حظيت بترحيب وتقدير من قبل الدول العربية خلال السنوات الماضية. ونحن علي ثقة تامة بأن مستقبل العلاقات بين الصين وليبيا سيكون أفضل". وتحتاج ليبيا إلي ما يقرب من 100 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة لبناء مجموعة كاملة من البني التحتية، وفقا لتقدير لاسون اش، الباحث في مركز "كارنيج ي" لشئون الشرق الأوسط في بيروت، مشيرا إلي أن "الحكومة