جاء إعلان وزارة المالية عن طرحها لأذون خزانة بقيمة 120 مليار جنيه لتمويل عجز الموازنة ليثير حالة من الجدل الجديد حول تلك الخطوة وانعكاساتها وخاصة مع تصاعد وتيرة التحذيرات من خطورة ذلك الامر علي تزايد معدل الدين الداخلي والذي تجاوز بكل المقاييس نسب الحدود الآمنة. فالديون سواء الداخلية منها أو الخارجية اصبحت تمثل حملا ثقيلا وهاجسا مخيفا يضع الكثير من علامات الاستفهام حول مسلك الحكومة الحالي في التوجه لسد العجز عن طريق طرح تلك الاذونات التي تمثل تفاقم جديد لنسب الدين الداخلي والتي وصلت في سبتمبر الماضي لما يقدر ب2.1 تريليون جنيه أي أنها تتجاوز نسبة ال 85% من الناتج المحلي الإجمالي وتلك كارثة بكل المقاييس، ولهذا فان التساؤل الذي يطرح نفسه اليوم علي الجميع هو عن ذلك المسلك الجديد ومدي افتقار الدولة للجوء لاساليب اخري يمكن من خلالها سد ذلك العجز المتفاقم والمزمن بالموازنة والذي حاولنا التعرف علي إجابته من خلال التحاور مع عدد من خبراء الاقتصاد لنقف علي تقييمهم لتلك الخطوة وهل تعد بالفعل هي المخرج الوحيد أمام الحكومة اليوم لمواجهة مأزق العجز المتفاقم أم أن هناك حلولا أخري كان يمكن اللجوء لها. والجدير بالذكر أن الموازنة العامة هذا العام قد اثير حولها جدل شديد مع ما تضمنته من بنود وزيادات في معدلات الانفاق علي الاجور والرواتب والدعم الاستهلاكي بوجه عام، وبعد حالة من الحوار المجتمعي تم خفض قيمة العجز بالموازنة بمقدار 36 مليارا لتهبط من 170 إلي 134 مليار جنيه اي ما يعادل 6.8% من الناتج القومي بعد أن كان يقترب من 11% وقد تحملت بمزيد من البنود الانفاقية حيث قدرت المصروفات ب 491 مليار جنيه بزيادة 15% علي المتوقع للعام المالي الحالي، وقد مثل الانفاق علي البعد الاجتماعي بها حوالي 54%. وفي هذا الصدد أوضح دكتور محمود الناغي نائب رئيس جامعة الدلتا للعلوم والتكنولوجيا واستاذ المحاسبة بجامعة المنصورة أنه مع غلق المجلس العسكري لباب الاقتراض من الخارج حتي لا يمثل ذلك عبئا علي الأجيال القادمة لم تجد وزارة المالية امامها وسيلة متاحة سوي اذون الخزانة وهي تمثل اقتراض محلي داخلي بموجب صكوك قصيرة الأجل حيث إن مدتها تصل ل 90يوما واحيانا 120 يوما. وأضاف أن ذلك يعد هو أفضل الأساليب الضعيفة المتاحة أمام الحكومة حاليا في ظل القيود الكثيرة المفروضة عليها من حيث ضعف وتوقف الاعانات، وصعوبة اللجوء للتمويل عن طريق طبع البنكنوت، وكذلك غلق باب الاقتراض الخارجي، وتراجع حصيلة كثير من الإيرادات التي كان يتم الحصول عليها وانخفاض الإنتاجية مشيرا إلي أن المشكلة الحقيقية تكمن في ضرورة وجود خطة لدي الحكومة لسداد تلك الأموال خاصة أنها تلجأ لتلك الخطوة علي امل عودة الإنتاج وزيادته بما يسهم في زيادة الإيرادات ومن ثم تقليص الدين، فهو أفضل الحلول بشرط وجود خطة للسداد. وأضاف أن هذا التوجه لابد أن يتزامن معه أن لم يسبقه تحرك جاد من جانب الدولة لزيادة الموارد وخفض النفقات وخاصة تلك التي تتعلق بأرقام الدعم الموجه للطاقة وهي هائلة ولابد من إعادة النظر بها حتي يمكن تقليص عجز الموازنة. كما يجب اتخاذ حلول اخري غير تقليدية كزيادة معدل الضرائب بنسبة 5% لكل الفئات التي تتقاضي أعلي من الحد الاقصي أي تزيد علي 25 ألف جنيه. وأكد أنه لا سبيل لمواجهة الوضع الاقتصادي القائم اليوم بالبلاد سوي بترشيد الانفاق حتي يتم مواجهة العجز بصورة حاسمة وجذرية خاصة أن الدين الداخلي والخارجي لكلا منهما حدود لا يمكن تجاوزها مما يفرض ضرورة أما خفض الانفاق أو زيادة الإيراد. إنعاش وأكد دكتور يحيي أبو طالب استاذ المحاسبة والمراجعة بجامعة عين شمس ووكيل الاكاديمية العربية للعلوم المالية والمصرفية الاسبق ان لجوء الحكومة لاصدار تلك الاذونات يعد إجراء طبيعي ووسيلة من الوسائل المالية التي تلجأ