عادة ما تسود كل المراحل الانتقالية فترة رمادية لا أحد يعلم فيها يقينا اتجاها واضحا أو ملامح رئيسية للمستقبل وهل ستقودنا إلي مرحلة جديدة من الديمقراطية والمدنية أمل لا.. كل هذه العوامل تؤثر علي سوق المال والبورصة.. وضبابية المرحلة تؤدي أيضا إلي ضبابية في أسواق المال، خاصة أن انعدام الاستقرار السياسي هو العدو الأكبر لجميع أسواق المال علي مستوي العالم. استطلعت "العالم اليوم" آراء خبراء سوق الأوراق المالية حول أفضل السيناريوهات السياسية المرتقبة التي ستنعكس بشكل إيجابي علي سوق المال في ظل تشتت القوي السياسية والوطنية بخلاف الأحزاب حول الدستور أولا أم الانتخابات أولا، والمبادئ الحاكمة للدستور ومدي أهميتها، وحول الدولة المدنية في مواجهة المرجعية الدينية، حول التيارات الليبرالية في مواجهة التيارات الدينية، وحول الموقف من المجلس الأعلي للقوات المسلحة. اتفق الخبراء علي أن تحقيق مطالب الثورة "كاملة" ومن ثم ارضاء الشعب المصري يعتبر طوق النجاة الوحيد للبورصة، ولفتوا إلي أنه حال عودة الاستقرار وانتهاء التظاهرات دون ارضاء الشعب فإن هذا الأمر لن يعيد الاستقرار والنشاط للاقتصاد والبورصة المصرية، نظرا لأن الاستثمارات الأجنبية لن تعود للسوق المصرية إلا بعد تأكدها من انتهاء الغضب الكامن في نفوس المصريين، تحسبا لتفاقم الأوضاع في أي لحظة مادام الشعب غير راض. وفي كل الأحوال، لن تعود الاستثمارات الأجنبية للسوق المصرية إلا بعد اتضاح الرؤية السياسية حول السياسات الاقتصادية للنظام الجديد، وماهية الإجراءات الاصلاحية المرتقبة لإحداث التغيير المنشود في الجدول الزمني المحدد لذلك وفقا للخبراء الذين اشاروا إلي أن الاضطرابات الأخيرة ترتب عليها هدم الاصلاحات الاقتصادية التي تمت في السوق المحلية منذ عام 2003 وإن كانت تلك الاصلاحات قد افتقدت العدالة في توزيع الثروات. بداية، قال كريم هلال الرئيس التنفيذي لبنك الاستثمار سي اي كابيتال إن تحقيق الرضاء الاجتماعي للمواطنين من خلال تنفيذ مطالبهم بتحقيق عدالة اجتماعية والسيطرة علي الأسعار واعطاء مزيد من المساحة الديمقراطية كل ذلك سينعكس ايجابيا علي المناخ الاستثماري في مصر لانه سيضفي مزيدا من الشفافية. توقع استمرار تباطؤ ضخ الاستثمارات الأجنبية خلال الفترة الانتقالية لحين وضوح الرؤية بشأن الخطوات التي تتخذها المؤسسة العسكرية في تنظيم شئون البلاد من وضع دستور جديد وإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية التي ستساعد في اضفاء عناصر جاذبة جديدة تتمثل في مزيد من الديمقراطية والشفافية وانخفاض معدلات الفساد. أشار إلي أن هناك شريحة أخري كبيرة من المستثمرين الأجانب تؤجل ضخ أي استثمارات جديدة للسوق المحلية حاليا لحين وضوح الرؤية بشأن النظام الحاكم الحالي والتشريعات الجديدة التي سيقرها الدستور، موضحا أن الأهم بالنسبة للبورصة المصرية خلال المرحلة المقبلة هو وضوح الرؤية السياسية وهو الأمر الذي يتحقق من خلال ظهور بوادر استقرار حقيقية تتعلق بالتوجه الاقتصادي للدولة وإيجاد مناخ استثماري ذي مقومات جاذبة للاستثمارات فضلا عن إحكام السيطرة علي الشارع وانهاء حالة الانفلات الامني التي نشهدها حاليا، التي كان لها تأثير سلبي علي تعاملات البورصة المصرية خاصة أن شرائح عديدة من المستثمرين فضلت الانتظار قبل اتخاذ أية قرارات شرائية لحين هدوء الأوضاع وانتهاء الأزمة، فالبائع بالسوق يخشي البيع والمشتري خائف من ضخ أموال جديدة في ظل ضبابية الصورة. أضاف أن المؤشرات العامة توضح استمرار الأوضاع في ظل تزايد حدة الاثار السلبية من عجز في المدفوعات أو سحب الاحتياطي النقدي الموجود فضلا عن عدم حدوث أي تغيرات جوهرية. كما أعبر هلال عن تفاؤله علي المدي البعيد بالنسبة للاقتصاد المصري والبورصة مشيرا إلي أن القضاء علي الفساد خطوة مهمة في طريق إعادة الثقة في الاقتصاد وقدرته علي النمو، مؤكدا أن الأمر سيختلف علي المدي البعيد وسيكون الوضع إيجابيا للغاية نتيجة لتحسن مناخ الاستثمار متأثرا بالمناخ السياسي، والمؤشرات كلها في صالح الاقتصاد المصري، وتدعمه في ذلك التدفقات الاستثمارية التي ستكون كبيرة بفضل تحسن مناخ الاستثمار بعد إتمام الاصلاح السياسي.