أسابيع وتبدأ اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل وهي الاجتماعات التي يتطلع إليها الفلسطينيون باهتمام بالغ نظرا لما تشكله لهم من مردود سياسي ومعنوي، ففي خطوة تعكس جدية الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن في التوجه إلي الأممالمتحدة طلبا لعضوية فلسطين عقد اجتماعا في لندن مع عدد من الخبراء البريطانيين في القانون الدولي وذلك من أجل وضع اللمسات الأخيرة وتوضيح كل ما يلزم بشأن الطلب الفلسطيني للعضوية الكاملة للأمم المتحدة المقرر بحثه في الشهر المقبل. مصادر تؤكد أن السلطة الفلسطينية أصبحت جاهزة بعد هذا الاجتماع من الناحية القانونية ويعود الفضل في ذلك إلي دولة قطر ممثلة في العطية الذي أعد لهذا الاجتماع من جميع نواحيه بما فيها التكلفة الاقتصادية وشارك فيها شخصيا خاصة أن الطلب الفلسطيني لن يقدم إلي الأممالمتحدة قبل اقراره من قبل لجنة المتابعة لمبادرة السلام العربية، وكذلك اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. وهذا في حد ذاته اثار حفيظة الولاياتالمتحدة واسرائيل علي حد سواء وبالذات في اسرائيل التي بدأت حملة تشوية واسعة النطاق إعلاميا ورسميا تمهيدا لمحاربة الاعتراف الدولي بفلسطين دولة مستقلة عاصمتها القدس، وبتعليمات من رئيس الوزراء نفسه بنيامين نتنياهو وعلي الرغم من معارضة الدبلوماسيين المهنيين في وزارة الخارجية باشر مجلس الأمن القومي بقيادة الجنرال يعقوب عاميدرور أبحاثا لوضع خطة شاملة للرد علي المبادرة الفلسطينية للاعتراف بفلسطين دولة في الأممالمتحدة، وبين أهم الخيارات التي طلب نتنياهو بحثها هو الغاء اتفاقيات أوسلو. اعطي نتنياهو تعليماته لرئيس مجلس الأمن القومي في الحكومة لمباشرة هذا البحث قبل ثلاثة أسابيع وتمت دعوة مندوبين عن أجهزة المخابرات وعن وزارة الدفاع والخارجية والمالية والقضاء والتجارة والصناعة وكذلك من الجهاز القضائي العسكري والنيابة العسكرية، ليأتوه باقتراحات وتصورات حول النتائج المتوقعة من الغاء اتفاقيات أوسلو. والمعروف أن الفلسطينيين كانوا هم أيضا قد تحدثوا عن إمكانية الغاء اتفاقيات أوسلو من طرف واحد، والغاء السلطة الفلسطينية.. لكن تعود اسرائيل وتحتل الضفة الغربية وقطاع غزة وتتحمل مسئولياتها عن 5.3 مليون فلسطيني لم يجروا في الموضوع بحثا معمقا، وبدا أن الدعوة نابعة من مبادرات غير رسمية. اسرائيل التي تهدد بالغاء الاتفاقيات هي في حقيقية الأمر تلعب في ورقة خاسرة، فالطاقم المهني لوزارة الخارجية تري أن خطوة كهذه ستقود إلي مزيد من العزلة وعدم الشرعية لاسرائيل ولا تنسي أن اتفاقيات أوسلو التي تم التوقيع عليها بالأحرف الأولي عام 1993 ثم بشكل نهائي في عام 1995 في البيت الأبيض في واشنطن هي الإطار القضائي لغالبية العلاقات بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية في مجالات الأمن والاقتصاد والبني التحتية وغيرها من الأمور الإدارية لتسيير حياة المواطنين الفلسطينيين مدنيا. لذا فإن الغاء الاتفاقيات يلزمه دراسة موسعة يدخل في إطارها عدد من القضايا المركزية وعلي رأسها مكانة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية بالذات ومن هذا المنطلق وجدت اسرائيل نفسها ضعيفة في هذا التهديد أو التلويح به وتبذل جهودا كبيرة في اتجاهات أخري لايجاد صيغة يتفق عليها لتسمح باستئناف المفاوضات المجمدة مع الفلسطينيين قبل شهر سبتمبر المقبل. لكن الأمر الذي قد يصعب استئناف المفاوضات أن اسرائيل لم تأت بأي أفكار جديدة للانطلاقة في مسار المفاوضات فكان طبيعيا أن يأت الرد الفلسطيني بالرفض وإعلانهم مجددا التأكيد علي خطوة الذهاب إلي مجلس الامن لطلب عضوية الدولة. لقد تبني الفلسطينيون هذا الموقف مؤخرا بعدما كانوا مستعدين للتراجع عن هذه الخطوة مقابل اطلاق مفاوضات جدية فقد انطلقت الخطوة الفلسطينية بعد دراسة مستفيضة ومتعمقة وخلصت في النهاية إلي أن الاعتراف بدولة فلسطين لا يشكل بديلا عن المفاوضات كل هو يعزز من إمكانية التوصل إلي سلام عادل ودائم قائم علي أساس المرجعيات التي أقرها ويعترف بها المجتمع الدولي كأساس لحل الصراع القائم ويؤكد هذا الاعتراف احترام قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 لعام 1967 الذي أكد عدم قانونية الاستيلاء علي الأرض بالقوة، وعدم الاعتراف باحتلال اسرائيل علي الأرض بالقوة وعدم الاعتراف باحتلال اسرائيل للأراضي الفلسطينية عام 1967 وهذا في حد ذاته يأتي بالتزامن مع الالتزام الفلسطيني بالتوصل إلي حل تفاوضي شامل مع اسرائيل ينهي الصراع ويعالج جميع القضايا العالقة بما يشمل حق اللاجئين في العودة والامن والمياه وغيرها!