أكد الخبراء أن التشكيل الوزاري الجديد لا يتعدي كونه مسكنات للشارع ولن يسعفه الوقت لتنفيذ أي برامج مطالبين بعدم اطلاق التصريحات البراقة والوعود التي لا يتم الوفاء بها حتي يكون هناك مصداقية وثقة بينها وبين المواطن. لم يغفل الخبراء التحديات التي ستتحمل الحكومة الجديدة وعلي رأسها التفاوت في مستويات الدخول والمعيشة وتحسن الأوضاع الأمنية والسياسية في مصر مطالبين بصياغة فلسفة أو استراتيجية جديدة للتنمية تترجم الطاقة الثورية للشعب إلي طاقة تنموية عظمي. وكانت وزارة التخطيط قد رصدت عددا من التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري في الوقت الراهن، في مقدمتها تباطؤ عجلة الإنتاج في ظل استمرار حالة الانفلات الأمني والتظاهر، وأكد التقرير الذي أعدته الوزارة مؤخرا عن خطة التنمية الاقتصادية للعام المالي الجديد 2011/2012 التي أطلقت عليها فايزة أبو النجا، وزيرة التخطيط والتعاون الدولي، "خطة الأزمة"، أن تنامي عجز الموازنة الذي يتراوح بين 170 و180 مليار جنيه، أحد التحديات في ظل حرص الحكومة علي توجيه قدر أكبر من الاستثمارات لزيادة الضمان الاجتماعي ودعم الإسكان لمحدودي الدخل واستمرار دعم السلع الغذائية. وتشمل التحديات، حسب التقرير التفاوت في مستويات الدخول والمعيشة بين الفئات الاجتماعية في الحضر والريف وأقاليم الشمال والجنوب، التي تتطلب المزيد من الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي. وأشار التقرير إلي وجود تحديات تفرضها الأوضاع الاقليمية والدولية، منها حجم العمالة المصرية في الخارج وتدفق الاستثمارات العربية والأجنبية والتدفقات من السياحة العربية فضلا عن حجم المعاملات التجارية البينية. بداية أكد الدكتور حمدي عبدالعظيم الخبير الاقتصادي المعروف أن الحكومة الجديدة "الانتقالية" لن تستطيع الخروج بقرارات جوهرية تقود قاطرة الاقتصاد معتبرا أن تغيرها ووجودها لا يتعدي كونه نوع من المسكنات للرأي العام مشيرا إلي أن القرارات الاقتصادية تتطلب وجود ايدولوجيات واستراتيجيات وتوقيتات للعمل لن تستطيع الحكومة الحالية تنفيذها بسبب عامل الوقت. طالب الحكومة الحالية بالتريث في التصريحات والوعود التي لا تتحقق علي غرار تصريحات الوزير السابق الدكتور سمير رضوان والتي لم يتحقق منها شيء حتي لا تفقد المصداقية والثقة بين الحكومة والمواطن. أكد أن التعديلات الوزارية الأخيرة مما لا شك فيه سيكون تأثيرها ايجابي علي البورصة التي تتأثر دائما بالشارع السياسي والاقتصادي ولكن الأمر دوما لابد أن يصاحبه استقرار. ومن جانبه يري محسن عادل العضو المنتدب لشركة بايونيرز لصناديق الاستثمار أن الخروج من المأزق الحالي للبورصة يتطلب تحسين الأوضاع الأمنية والسياسية في مصر مشيرا إلي أن تحسن أحوال السوق بشكل عام، لا يكمن سوي في تحسن الأوضاع السياسية التي تمر بها البلاد إلا أنه يحتاج فعليا إلي تطوير شامل لمنظومة سوق المال المصري. أوضح أن زيادة السيولة في سوق المال، ترتبط ارتباطا وثيقا بعودة الاستقرار الأمني والسياسي في مصر، حيث يشجع ذلك الاستقرار علي جذب الاستثمارات الجديدة إلي السوق المصري، بل من شأنه أن يشجع علي عودة المستثمرين الذين تخارجوا من السوق خشية حدوث ما لا يحمد عقباه بأموالهم في ظل سوء الأوضاع الأمنية والسياسية في المنطقة. أضاف عادل أنه علي الرغم من التحديات الكبيرة أمامنا، فالجميع يتطلع إلي المرحلة المقبلة بتفاؤل وأمل كبيرين، لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المتوازنة،وتحفيز التنافسية العالمية للاقتصاد من خلال تحديث الاقتصاد وتطوير المناهج التعليمية بحيث يتمكن الشباب من المنافسة محليا وعالميا، اضافة إلي ايجاد فرص عمل جديدة والحد من البطالة والفقر. ولعل الإفادة المثلي من المرحلة الراهنة تتطلب التوازن بين تطوير البيئة السياسية من جهة، وبين تطوير آليات ومحركات النمو الاقتصادي المستدام والرفاة الاجتماعي للشعب من جهة أخري فنجاح الإصلاحات السياسية مرتبط إلي حد بعيد بنجاح الإصلاحات الاقتصادية، والعكس صحيح أيضا.