أعلنت الحكومة الأمريكية يوم 26 مايو الماضي أن معدل النمو الاقتصادي في الربع الأول من العام الحالي 2011 لم يزد علي 1،8% وهي ذات النسبة التي سبق أن أعلنتها في أبريل قبل المراجعة النهائية للبيانات المتاحة وكان المراقبون يأملون أن تكون النسبة بعد مراجعة البيانات أعلي من ذلك ولو قليلاً وبسرعة خفض الخبراء توقعاتهم لمعدل النمو الاقتصادي الأمريكي في الربع الثاني من 2،5% ليصبح المعدل المتوقع هو 2،7% أو أقل من ذلك، وبالمثل فبعد أن كان متوقعاً أن يؤدي الاتفاق بين أوباما والجمهوريين الذي وقع في ديسمبر الماضي إلي نمو الاقتصاد الأمريكي بنسبة 3-4% في عام 2011 كله انخفضت النسبة المتوقعة إلي 2،6% وهي نسبة لا تكفي لدفع معدل البطالة إلي الانخفاض. وتقول مجلة "الأيكونوميست" البريطانية وزميلتها الأمريكية "تايم" إن الاقتصاديين ساقوا كالعادة مبررات كثيرة لهذا التدني في معدل النمو الأمريكي منها العواصف الثلجية والفيضانات والأعاصير المدمرة التي أصابت أمريكا عدة مرات وخسرت أمريكا في كل واحدة منها نحو مليار دولار ومنها الكارثة الطبيعية اليابانية التي وقعت يوم 11 مارس الماضي ومنها ارتفاع أسعار البترول وبالتالي أسعار البنزين من 3 دولارات للجالون لتصبح 3،9 دولار للجالون وهو الأمر الذي جرف جيوب الناس وخفض إنفاق المستهلكين المتوقع علي السلع الأخري وقد كان منتظرا حدوث زيادة في اتفاق المستهلكين ولكن هذه الزيادة جاءت هزيلة ولا تتجاوز ال 6،7% سنويا تنخفض بعد حساب معدل التضخم إلي 2،2% فقط كزيادة حقيقية. وهناك في وول ستريت من يري أن هذه العوامل كلها عوامل مؤقتة وأن الاقتصاد الأمريكي سوف يستعيد قوته بعد انتهائها ولكن هناك أيضا من يري أن ذلك ليس أكثر من تمنيات طيبة لن يتحقق منها الكثير وأن العاطلين البالغ عددهم 13،7 مليون شخص لن ينقصوا بل قد يزيدون وأن الدين العام الذي كان متوقعا انخفاضه إلي 83% من إجمالي الناتج المحلي الأمريكي في عام 2012 إذا نما الاقتصاد بمعدل 3،9% كما كان يري بنك الاحتياط الفيدرالي سيزيد في ظل معدل النمو المتدني الراهن إلي 144% من إجمالي الناتج المحلي في السنوات العشر القادمة إذا استمر معدل النمو علي ما هو عليه الآن، ولا شك أن هذه أنباء سيئة بالنسبة للرئيس أوباما الذي سيتعين عليه أن يكسب أصوات الناخبين في العام القادم لكي يبقي في البيت الأبيض مدة رئاسية ثانية ناهيلك عن أن يحتفظ حزبه الديمقراطي بالأغلبية في مجلس الشيوخ أو يسترد أغلبيته الضائعة في مجلس النواب. ومشكلة أمريكا حقيقية ليست في معدل النمو وحده بل هناك غير ذلك أخبار سيئة أخري مثل تراجع أسعار المساكن إلي درجة لم تعرفها أمريكا منذ الكساد الكبير عام 1929 ومثل ضعف أنفاق المستهلكين وارتفاع معدل البطالة علي نمو ما ذكرنا من قبل وإذا كان بعض الخبراء مثل أوستن جولزبي رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين السابق قد حاول تجميل الأوضاع قبل أن ينسحب عائدا إلي منصبه في جامعة شيكاغو واستبعد أمكان ارتداد الاقتصاد الأمريكي إلي الركود العميق فإن هناك خبراء آخرين منهم بعد برنانك رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي كانوا أكثر تحفظا وإن كان الأمر في رأي مجلة "تايم" عدد 20 يونيو ليس أمر تجميل أو تحفظ وإنما الأمر في حقيقية صار مسئولية مباشرة علي عاتق الشركات الأمريكية التي تجلس علي كوم من السيولة يناهز تريليوني دولار كما حققت أرباحا بلغت 1،7