حالة من الترقب تسود الاستثمارات الأجنبية سواء القائمة أو تلك التي تتأهب للدخول إلي مصر في ظل انتظار ما ستسفر عنه الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة والتي ستشهد تحولا تاريخيا نحو الديمقراطية التي صنعتها ثورة 25 يناير ورسمت ملامحها ابتسامة الشهداء. وباعتبار أن السياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة فإنه لا يمكن أن تكون هناك زيادة في الاستثمار في ظل نظام ديكتاتوري فاسد حيث أكد الخبراء أن هذه الاستثمارات كانت ستنخفض بنسبة 50% علي الأقل إذا ظل الحال كما هو عليه قبل الثورة وتم تمرير مؤامرة التوريث. وقال الخبراء انه إذا كانت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر قد زادت بنسب كبيرة خلال السنوات الماضية إلا أن ذلك كان بسبب تقديم النظام السابق لتنازلات كبيرة كان ضررها علي الاقتصاد أكثر من نفعها مطالبين بسرعة عقد الانتخابات البرلمانية والرئاسية في موعدها لانه السبيل الوحيد لزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة وكذلك علاج مشكلات الاستثمارات القائمة التي خرج الكثير منها بعد الثورة ولأن هناك مشروعات بدأ تنفيذها بالفعل وفي حاجة إلي مزيد من التمويل وتوقفت انتظارا لمرحلة ما بعد الانتخابات وسوف تتكبد خسائر ويواجه أصحابها الأجانب موقفا قاسيا حيث لا يستطيعون اتخاذ القرار المناسب في الوقت الراهن. ولكن رئيس الهيئة العامة للاستثمار أسامة صالح كان قد نفي هروب الاستثمارات الأجنبية المباشرة من البلاد عقب ثورة يناير، مؤكدا انه لم يحدث خروج الاستثمار الأجنبي المباشر، وهو ما يعني الشركات أو المستثمرين الذين لهم مصانع أو شركات تقوم بتقديم خدمات في مصر أو من مصر، وإن ما حدث هو خروج بعض الاستثمارات الأجنبية من البورصة، وهي استثمارات غير مباشرة، وقال ان ذلك أمر طبيعي في الوقت الراهن والذي لا تنعم فيه مصر بالاستقرار السياسي، كما أعرب عن اعتقاده أن تكون هناك دورة أخري لعودة الاستثمارات الأجنبية للبورصة المصرية بعد استقرارها في الفترة الماضية وعودتها إلي طبيعتها. وأكد صالح أن الحكومة المصرية تتخذ إجراءات تيسيرية في هذه المرحلة لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وتعكف علي دراسة جميع الإجراءات الخاصة بالجهات الحكومية وتيسيرها لدرجة تمكن الشركات الأجنبية من التعامل بيسر وسهولة، وبما يحقق الوضوح والشفافية في هذه الإجراءات بحيث لا تكون مختلفة من شخص إلي آخر. يذكر أن صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلي مصر ارتفع من 509،4 مليون دولار في العام المالي 2000/2001 ليصل إلي 13،2 مليار دولار خلال العام المالي 2007/2008 ثم 8،1 مليار دولار خلال العام المالي 2009/2008 ثم 6،8 مليار دولار خلال العام المالي 2009/،2010 وحقق 1،6 مليار دولار خلال الربع الأول من العام 2010/2011. بداية يري هاني توفيق رئيس الاتحاد العربي للاستثمار أن هناك أولويات ضرورية حتي يستطيع الاقتصاد المصري أن يخرج من عثرته أهمها استعادة الأمن والشرطة لهيبتهما والانتهاء من إجراءات الانتخابات البرلمانية والرئاسية سريعا، حتي يستطيع الاقتصاد المصري أن يسترد عافيته التي تأثرت خلال الأشهر الماضية. ويري توفيق أن الأشهر القادمة في غاية الأهمية، وذلك بعد هروب بعض الاستثمارات في فترة الثورة والأشهر التي أعقبتها مشيرا إلي أن القطاع الخاص الجاد يجب أن يعمل وفق آليات، ويجب قبل ذلك أن يتم تهيئة مناخ من الشفافية والمنافسة الحرة وإزالة البيروقراطية حتي يعمل القطاع الخاص بنجاح. وأكد الدكتور حمدي عبدالعظيم - الخبير الاقتصادي - ان عودة الاستثمارات الأجنبية المباشرة والمحلية أيضا مرهونة باستقرار الوضع السياسي والأمني مشيرا إلي أن الوضعين يحتاجان إلي فترة زامنية وتحرك جدي حتي تستقر الأمور مطالبا بسرعة إجراءات الانتخابات البرلمانية والرئاسية في موعدهما. وأضاف ان الانحدار الملحوظ في معدل الاستثمار الأجنبي المباشر جاء نتيجة لعدم وضوح الرؤية وغموض مستقبل الحياة السياسية والاقتصادية فالكل يخشي المخاطرة خاصة المستثمر الأجنبي الذي يسعي إلي وطن آخر. أوكد الدكتور أيمن فرج - باحث اقتصادي - أن الاضطرابات السياسية تمثل مصدر قلقا للمستثمرين الأجانب لذا، فإنهم سيراقبون طريقة التعامل مع الانتخابات البرلمانية القادمة باهتمام شديد، ومازال غير واضح إلي أي مدي ستذهب السلطات في الملاحقة القانونية لرجال الأعمال، مثل العاملين في قطاع العقارات، والقادة السياسيين السابقين وبالتالي، سيراقب المستثمرون الأجانب هذه العملية القانونية عن كثب، بالإضافة إلي مراقبة التغيير الذي سيطرأ علي الشفافية والافصاح الذي سيلتزم به النظام المصري ككل.