البلطجة ليست اختراعا مصريا فهي ظاهرة موجودة في مصر منذ زمن بعيد، أي قبل وبعد ثورة 25 يناير المباركة، وموجودة ايضا في البلدان العربية مثل الشبيحة في سوريا، ولكن شعرنا بخطورة البلطجية في بلادنا بعد الثورة، عندما حدث الإنفلات الأمني، وهاجمت جحافل البلطجية المواطنين العزل من أجل ترويعهم، بل نهبوا المحلات التجارية، وسرقوا مواطنين بالإكراه في وضح النهار، وهاجموا معظم أقسام الشرطة والسجون، من أجل إحداث حالة من الفوضي والرعب بين المواطنين، وإفشال الثورة، وهو مايراهن عليه النظام البائد وفلوله حتي الان. وزاد من خطورة البلطجية عدم نزول الشرطة حتي الآن بكامل قوتها في الشارع المصري، لأسباب مجهولة أحيانا، وإصرار البعض علي الإستمرار في عقد المظاهرات المليونية والفئوية، والتي تربك الأجهزة الأمنية بل والشرطة العسكرية أيضا، لأن حفظ الأمن أصبح في ظل موضة المظاهرات عبئا كبيرا، ولايمكن أجهزة الأمن من إلتقاط أنفاسها وإعادة ترتيب بيتها من الداخل، ولاسيما في ظل التصعيد النوعي لمحترفي المظاهرات، فهناك من كان عاقد العزم علي التوجه بمظاهرة إلي الأراضي الفلسطينية في ذكري النكبة، وهناك مظاهرة حاول المشاركون فيها إقتحام السفارة الإسرائيلية، بالإضافة إلي حالة الاحتقان الطائفي التي مازالت موجودة بعد أحداث أمبابة ومن قبلها في قرية صول، ومحاولة البلطجية إحراق كنائس والتربص بكنائس أخري من أجل إشعال فتنة طائفية لصالح الغير - في الداخل والخارج. كل ذلك جعل الأمن في حالة استنفار وإنهاك، وزاد من خطورة البلطجية، والذين أصبحوا أكثر خطرا من الإرهابيين، لأتهم لايقومون بإرتكاب جرائم جنائية ضد أشخاص فقط، بل إنهم، أي البلطجية، يقومون بارتكاب جرائم سياسية أيضا، أي يهددون أمن الدولة ويحاولون إسقاط هيبتها ونظامها الأساسي، وزعزعة استقرارها، بل ويهددون كيان الدولة الاقتصادي، لأن بجرائمهم تلك، والتي أدت إلي إحداث فوضي متعمدة وهددت الأمن الإجتماعي، طفشوا السائحين ومنعوا قدوم الاستثمارات الخارجية وعرقلوا الدوران الطبيعي لعجلة الإنتاج، بل أصبحت حركة البناء شبه متوقفة، وتعطلت قطاعات إنتاجية كثيرة بالدولة. باختصار فإن الانفلات الأمني وتوحش البلطجية، له أضرار سياسية واقتصادية واجتماعية كثيرة، وفيه تهديد لنظام الدولة وكيانها، وبالتالي لايجب معاملة البلطجية، علي أنهم خارجون علي القانون، ويرتكبون جرائم جنائية فقط، بل يجب اعتبارهم في الوقت الحالي، الذي تبدأ مصر في النهوض من كبوتها بعد نجاح ثورة شعبها والتخلص من نظام مستبد وفاسد وقمعي خونة، بل لابد من محاكمتهم بتهمة الخيانة العظمي، لأنهم يسعون بقصد أو بدون قصد إلي تقويض استقرار المجتمع، وتبديد مكتسباته، وإفلاسه، وحرق إنجازاته. فإذا كان البلطجية مرتزقة يعملون لصالح الغير بوعي وإدراك وتصميم، ومن اجل المال ومغانم أخري، فعلينا محاكمتهم هم ومحرضيهم ومموليهم ومن يرعاهم، بتهمة الخيانة العظمي، لأنهم لايستخدمون ويستأجرون من قبل الغير "الخائن" من أجل البلطجة في الانتخابات أو إرهاب المنافسين من أجل تزويرها، لمصلحة بلطجي آخركبير لايقل عنهم بلطجة، حتي ولو أصبح نائبا برلمانيا، ولكن يعملون علي سرقة شعب بمقوماته وتاريخه، ويزرعون بذور الفتنة فيه، ويجعلونه علي شفا حرب أهلية، قد تحرق مقدراته وحضارته. أما إذا كان هؤلاء البلطجية أغبياء ويرتكبون اعمالهم الإجرامية بدون وعي وفي مقابل المال فقط، فعلينا توعيتهم، وإعادة تأهيلهم، لإن هؤلاء ضحايا ظروف مجتمعية سيئة وظروف اقتصادية أسوأ جعلت منهم بلطجية بالأجر، ونحن شاركنا في أن يتخذوا البلطجة كمهنة وأكل عيش. وللحديث بقية حمدي البصير elbasser2@yahoo .com