شبه عدد من الاقتصاديين ما يجري في منغوليا، الدولة التي عاشت لعقود طويلة في ظل عزلة كاملة وظروف اقتصادية وسياسية صعبة، بما كان يجري قبل سنوات في دول "النمور الآسيوية" وذلك بفضل الطفرة التي بدأت فيها علي صعيد استغلال الثروات الهائلة التي اتضح أنها ترقد في باطن أراضيها. وتعادل مساحة منغوليا ثلاثة أضعاف مساحة فرنسا، ولكن عدد سكانها لا يتجاوز 2.5 مليون نسمة، ولكنها تحتوي علي مخزونات هائلة من النحاس والفحم والحديد والذهب واليورانيوم والزنك وخامات أخري قد يكون بينها النفط ومواد نادرة. وقال رجل أعمال غربي يعمل في العاصمة المنغولية، أولان باتور، إن عشرات الشركات العالمية الكبيرة تنتابها حالياً "حمي الاستكشاف والتعدين" في منغوليا التي تقول حكومتها.. إنها تخطط لاجتذاب استثمارات تعادل 25 مليار دولار خلال الأعوام الخمسة المقبلة. ويقول الرئيس المنغولي تساخيا البيجدورج، إن بلاده مسرورة لوجود هذه الثروات، ولكنها تشعر بالقلق من أن تتحول من نعمة إلي نقمة بسبب هشاشة النظام الديمقراطي في هذا البلد، مما قد يفتح الباب أمام الفساد وسوء الإدارة. وتحتاج البلاد إلي استثمارات في كل القطاعات، بما في ذلك الصحة والتعليم والبنية التحتية، وهي قطاعات صعبة للغاية بالنسبة للمستثمرين والحكومة علي حد سواء، نظراً للمساحة الشاسعة للبلاد من جهة، وضعف الكثافة السكانية من جهة أخري. وتندر الخدمات خارج العاصمة المنغولية، وينتشر الفقر الشديد في الأرياف التي يعيش فيها الناس بأقل من عشرين دولاراً في الشهر، ولايزال الكثير من المجتمعات المحلية تسكن الخيام وتعتمد أساليب الحياة التقليدية. ويقر الرئيس البيجدورج بأن الظروف الداخلية قد لا تكون أصعب من الأوضاع الخارجية، ويقول إن بلاده تشبه "مهراً صغيراً يسير بين فيلين"، في إشارة إلي الجارين العملاقين، روسيا والصين. غير أنه متفائل بقدرة الحكومة علي وضع أسس قانونية فعالة لحماية البلاد من خلال تحديد الأطر الأساسية التي ستحكم عمليات الاستثمار والتعدين وتكافح الفساد.