مع استمرار وتزايد توابع الزلزال المدمر الذي ضرب اليابان أوائل الشهر الماضي وما أعقبه من أمواج المد التسونامي العاتية، وهو الزلزال الذي كان متوقعا حدوثه منذ أكثر من مائة عام، والذي يصعب حتي الآن تحديد التقديرات الكمية النهائية لخسائره بدقة، رغم اجتهاد البعض في ذلك فقد قدرت مؤسسة سيتي جروب الأمريكية هذه الأضرار والخسائر الاقتصادية المباشرة في بداية الأمر بنحو 128 مليار دولار أمريكي، ثم رفعت مؤسسة جولدمان ساكس التقديرات إلي 170 مليارا ثم إلي 198 مليار، ثم تضخمت الفاتورة وفقا لتقديرات الحكومة اليابانية لتبلغ نحو 309 مليارات دولار ثم إلي 361 مليار دولار، أي ما يمثل حوالي 7% من إجمالي الناتج المحلي للدولة. هذا بالإضافة إلي استمرار تفاقم الكارثة النووية التي تعرضت لها المفاعلات النووية التي كانت تنتج للبلاد أكثر من 30% من طاقتها الكهربائية وإعلان الحكومة بأنه سوف يتم تفكيك محطة فوكوشيما النووية التي تضررت بشكل خطير من جراء الزلزال وموجات التسونامي ويتعين الاستغناء عن أربعة علي الاقل من المفاعلات الستة العاملة في المحطة بمجرد تراجع حدة الأزمة، ومن ثم انقطاع التيار الكهربي علي نطاق واسع، وما سوف يترتب علي ذلك من انعكاسات سلبية خطيرة علي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية. واذ يري البعض أن خسائر هذه الكارثة الطبيعية رغم ضخامتها تعد أقل تأثيرا علي الاقتصاد الياباني اذا ما تمت مقارنتها بالاثار السلبية للازمة المالية العالمية الراهنة، والتي أدت إلي خفض إجمالي الناتج المحلي للبلاد بنسبة 10% خلال النصف الأول من عام 2009 إلا أن البعض الآخر يري أن هذه الكارثة وهذا الزلزال يعد من أكبر الكوارث الطبيعية تكلفة في التاريخ خاصة اذا ما تم مقارنتها بتكلفة زلزال نيوزيلندا أو فيضانات استراليا التي سبقت هذه الكارثة بشهور قليلة. وتعد الصين من أكثر الدول التي تأثرت سلبا من تداعيات زلزال اليابان، وذلك بالنظر لكون اليابان من أكبر المستوردين منها اذ يبلغ حجم وارداتها السنوية ما يزيد علي 100 مليار دولار، ومن بعدها تأتي كوريا الجنوبية التي تعتمد العديد من شركاتها علي الامدادات اليابانية من الكترونيات وقطع غيار السيارات، ثم تايوان التي تستورد معظم احتياجاتها خاصة الالكترونية من السوق اليابانية ومن ثم انخفاض أرباح معظم شركاتها بالإضافة إلي انخفاض إيرادات السياحة بها نتيجة لإلغاء الاف اليابانيين لرحلاتهم السياحية إليها. ومن المعلوم أن اليابان تمثل ثالث أكبر مستورد للبترول علي المستوي العالمي بعد كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية والصين اذ تستهلك يوميا ما يقدر ب 4.4 مليون برميل، كما أنها تعد من أكثر دول العالم استيرادا للغاز المسال والفحم الحجري، وذلك علي الرغم من إنتاج مفاعلاتها النووية "قبل حدوث الزلزال" لأكثر من 30% من طاقتها الكهربائية، وهو الوضع الذي سوف يتغير بالطبع في المدي القصير علي الاقل مع تعطل مفاعلاتها النووية واعتماد البلاد بشكل أكبر علي الغاز المسال الذي بدأت أسعاره في الارتفاع مع إعلان بعض الشركات الكبري المتخصصة في هذا المجال عن تحويل شحنات سريعة منه إلي اليابان لتلبية احتياجات البلاد الملحة الناتجة عن توقف مفاعلاتها. كما ارتفعت أسعار الفحم الحجري نتيجة لتوقع الكثير من الخبراء العالميين بإمكانية اعتماد اليابان علي تنويع مصادر الطاقة بعد تعطل مفاعلاتها النووية وتولد حالة من الرعب داخل البلاد وخارجها من إمكانية تسرب وانبعاث بعض الاشاعات النووية التي يمكن أن تهدد صحة الإنسان والحياة النباتية والحيوانية علي غرار ما حدث في مفاعل تشيرنوبل بدولة الاتحاد السوفيتي القديمة، ومن ثم اضطرارها لاستيراد كميات كبيرة من الفحم.. وان كان البعض الآخر يري أن تأثير مثل هذه الخطوة لن يظهر سريعا بالنظر إلي أن معامل الطاقة التي تعتمد علي الفحم لا يمكن تشييدها قبل ثلاثة أو أربعة أعوام، كما أن الحكومة اليابانية لم تعلن عن خططها الرامية لكيفية تنويع مصادر الطاقة بالبلاد بعد. وفي خطوة تضامنية من قادة ورؤساء دول العالم للشعب الياباني وصل العديد من هؤلاء الزعماء إلي طوكيو لتقديم يد العون والمساعدة في عبور الأزمة، ولعل آخرهم كان الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي وبرفقته رئيسة شركة الوقود النووي الفرنسية آن لوفرجيون لمساعدة شركة طوكيو للطاقة الكهربائية وهي الشركة المشغلة لمحطة الطاقة النووية في فوكوشيما علي تجاوز الأزمة كما دعا الرئيس الفرنسي إلي عقد اجتماع للدول الأعضاء في قمة العشرين يعقد قريبا في باريس لتحديد مجموعة من المعايير الدولة للامان النووي.. كما وصل إلي البلاد فريق أمريكي متخصص في المساعدة والسيطرة علي الاشعاعات المنبعثة من المفاعلات النووية وكذا أعلن الصليب الأحمر في عدة دول عن جمع تبرعات بلغت أكثر من 600 مليون دولار للمساهمة في مساعدة الناجين من الزلزال وتوابعه وموجات التسونا