في الفترة من 11 الي 13 ابريل الجاري زارت بعثة من منظمة العمل الدولية القاهرة والتقت عددا من المسئولين في وزارتي القوي العاملة والمالية لفتح ملفات عديدة منها البطالة والأجور في مصر والبحث عن طرق عاجلة لمواجهتهما، وقبل ايام قليلة ايضا نظم مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ندوة حول سياسات العمل والتوظيف بعد ثورة 25 يناير و"العالم اليوم" تفتح الملف. بداية يري أحمد السيد النجار الخبير الاقتصادي بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام صاحب احدث دراسة عن موضوع مواجهة البطالة بعد الثورة أنه بعد 25 يناير تواجه "مصر الثورة" تركة اقتصادية ثقيلة من النظام السابق،وكانت النتيجة هي أزمات اقتصادية و اجتماعية متنوعة تمسك بخناق مصر وتستوجب تضافر الجهود والعقول الوطنية من أجل مواجهتها من أجل إعادة البناء الاقتصادي علي قواعد العمل والعلم والكفاءة والنزاهة والعدل، وضمن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المستحكمة التي تعاني منها مصر حاليا - كما يقول النجار تعتبر أزمة البطالة بما تعنيه من حرمان القادرين علي العمل والراغبين فيه من كسب عيشهم بكرامة. من أهم آليات التهميش الاقتصادي والإفقار حيث تدفع العاطلين إلي هوة الفقر والاعتماد علي الغير واستنزاف المدخرات أو الميراث في حالة وجودهما والتحول في النهاية في كل الأحوال إلي فقراء. تضارب! وقال "النجار" ان المشكلة التي يجب ان نواجهها اولا هي تحديد المشكلة والقضاء علي ظاهرة تضارب الأرقام فهناك اضطراب حقيقي في البيانات الرسمية الخاصة بعدد العاطلين ومعدل البطالة، فعلي سبيل المثال فإن هناك أخطاء ساذجة للغاية حيث يشير البنك المركزي (النشرة الإحصائية الشهرية أكتوبر2010 ص117), إلي أن إجمالي عدد المشتغلين فعليا عام 2009 بلغ 23 مليون شخص, وعندما أوضح توزيعهم التفصيلي بين قطاع الأعمال العام (0.7 مليون)، والحكومي (5.4 مليون), والخاص (16.5 مليون), فإن المجموع يصبح 22.6 مليون شخص فقط، أي أقل بنحو400 ألف عن الرقم المعلن كعدد للمشتغلين في نفس الصفحة من نشرة البنك المركزي. ولو خصمنا عدد المشتغلين فعليا(22.6 مليون شخص) من تعداد قوة العمل وفقا للبيانات الرسمية في نفس المصدر(25.4 مليون شخص) فإن عدد العاطلين يصبح 2.8 مليون عاطل تقريبا وليس 2.38 مليون عاطل كما هو منشور في المصدر نفسه ربما بسبب خطأ حسابي ساذج بافتراض حسن النية ويصبح معدل البطالة 12.4% من قوة العمل عام2009 وليس 9.4% كما هو منشور في نفس النشرة الإحصائية للبنك المركزي المشار إليها أعلاه.، والطريف كما يقول "النجار" أنه حتي بحساب العاطلين 2.38 مليون عاطل، فإن معدل البطالة يصبح 9.5% وليس 9.4%!! ويضيف أحمد النجار أنه يمكن الاستدلال علي تضارب البيانات من واقع البيانات المنشورة عن تعداد قوة العمل المصرية في تقرير مؤشرات التنمية في العالم 2010 حيث يشير التقرير( ص66), إلي أن تعداد قوة العمل المصرية 26.3 مليون شخص عام 2008 وهو بيان مأخوذ من الحكومة المصرية مباشرة أو بعد مراجعة البيان المقدم منها بالاتفاق معها، ولو خصمنا من هذا الرقم عدد المشتغلين فعليا عام 2008 حسب البيانات الرسمية المصرية أي 22.3 مليون, فإن عدد العاطلين يصبح 4 ملايين شخص، ويصبح معدل البطالة 15.2% من قوة العمل وفقا لتعدادها المنشور في تقرير البنك الدولي المشار إليه. ويؤكد النجار أن سوق العمل المصرية تعاني من تشوهات جمة يجب القضاء عليها عنوانها تغول أرباب العمل علي العاملين لديهم وعدم التأمين علي غالبية العاملين (53% من العاملين غير مؤمن عليهم), وتخفيض أجورهم بصورة مزاجية دفعت العديد منهم لتفضيل البطالة علي الاستمرار في أعمال لا تغطي تكاليف الذهاب إليها والعودة منها والمصروفات الضرورية أثناء العمل, والاستغناء عنهم بلا أي تعويض.