الأمر المؤكد أن دخول الاستثمارات الأجنبية في المجال المصرفي المصري لم يكن ليحدث لو لم يكن يمثل فرصة طيبة لتحقيق مكاسب لهذه الاستثمارات.. وفي الوقت نفسه فقد كان لهذه الخطوة ايجابيات مهمة بالنسبة للنظام المصرفي والاقتصاد المصري عموما.. كما كان لها سلبيات جدية، وكان يمكن توقعه منذ البداية، وبعضها الآخر كشفت عنه الممارسة وفيما يلي نعرض لأهم هذه الإيجابيات والسلبيات. أولا: أهم الايجابيات 1 - تغطية العجز في المخصصات: أغلب بنوك مصر كانت تعاني عجزا كبيرا في المخصصات وببيع هذه البنوك تعهد من استحوذ عليها من البنوك غير المصرية بتغطية العجز في المخصصات طبقا لبرامج زمنية تم تحديدها والاتفاق عليها مع البنك المركزي المصري وقد استطاعت جميع البنوك التي تم بيعها تغطية العجز في مخصصاتها ما عدا بنك واحد فقط يمكن له تغطية العجز في مخصصاته بالكامل نهاية هذا العام وهو ما جعل محافظ البنك المركزي المصري يؤكد في مناسبات متعددة أن جميع بنوك مصر باتت حاليا تحقق صافي أرباح عدا بنك واحد فقط، وبالتالي فبيع البنوك كان سببا أساسيا ورئيسيا في الحفاظ علي أموال وحقوق المساهمين والمودعين من الضياع. 2 - توسع أفقي في أغلب محافظات مصر: علي الرغم من انخفاض عدد البنوك العاملة بمصر من 62 بنكا إلي 39 بنكا حاليا إلا أن التوسع الأفقي الذي قامت به البنوك خصوصا الأجنبية والعربية قد زادت معه عدد الفروع من 1722 فرعا عام 2003 إلي 2405 فروع عام 2009. وقد أدي هذا التوسع إلي تقديم الخدمات المصرفية لأغلب محافظات ومدن مصر وجميع مناطق القاهرة الكبري وتخفيض زمن تقديم الخدمة المصرفية وكذا زيادة معدلات النمو بنشاط الودائع وهو ما كان القاطرة التي جرت معدلات نمو الأصول بالجهاز المصرفي المصري للتنامي وبشكل واضح. 3 - استقدام تكنولوجيا مصرفية عالمية: كنا قبل دخول البنوك العربية والأجنبية نعاني تدني التكنولوجيا المصرفية المستخدمة بجهازها المصرفي المصري مقارنة بالبنوك العامة بالدول الأوروبية والدول العربية البترولية وكان تطور التكنولوجيا المصرفية ببنوكنا يستلزم تكلفة لم تتحملها بنوكنا في ظل عدم تحقيق معظمها لأرباح وبدخول البنوك العربية والأجنبية تطورت وبصورة مذهلة وسريعة التكنولوجيا المصرفية المستخدمة في البنوك العاملة بمصر وما واكبها من تدريب وتأهيل للكوادر المصرفية علي استخدام هذه التكنولوجيا وهو ما ألغي الفروق التي كانت بين المصرفي المصري ونظيره الأوروبي والعربي في مجال استخدام التكنولوجيا المصرفية. كما واكب استخدام هذه التكنولوجيا تقديم خدمات مصرفية سريعة ومتطورة ومنتجات مصرفية جديدة تتناسب مع مختلف مستويات المتعاملين مع البنوك. * والمحصلة النهائية هي شكل براق للبنوك العاملة في مصر لا يقل عن نظيرتها بالدول المتقدمة. ثانيا: السلبيات: دائما وأبدا ما تظهر السلبيات مع الأزمات وهو ما حدث فعلا عندما ارتفعت أسعار الغذاء عالميا فارتفعت معها معدلات التضخم ثم تلاها الأزمة المالية العالمية وتداعياتها والمستمرة حتي الآن عندها ظهرت السلبيات والتي تمثل أهمها في: 1 - تعارض المصالح: ظهر تعارض المصالح فيما بين رغبة البنوك غير المصرية في تحقيق أرباحها المخطط لها وبين رغبة الحكومة المصرية في تحقيق ايجابيات اقتصادية بمساهمة ومساعدة من البنوك وقد ظهر هذا التعارض واضحا عندما ارتفعت معدلات التضخم بمصر وبشكل كبير نتيجة للارتفاع العالمي في أسعار الغذاء خلال عام 2008 وعندما أراد البنك المركزي المصري في إطار دوره المحوري في إدارة السياسة النقدية أن يرتفع بأسعار الفائدة علي الودائع بالبنوك للحد الذي يخفف من وطأة الارتفاع المستمر في معدلات التضخم لم تستجب البنوك غير المصرية لاشارات البنوك المركزي