بدأ يوم السبت 29/1/2011 هادئا شأنه شأن أي يوم آخر عادي إلا أن أحدا لم يكن يعلم انه الهدوء الذي يسبق العاصفة.. فمثل أي يوم عادي بدأ المسجونون يومهم بتلقي إفطارهم الذي يتكون من الفول وقطع صغيرة من الجبن وثلاثة أرغفة من الخبز الرديء وذلك في الساعة الحادية عشرة صباحا وتلقوه داخل العنابر إلا أن المسجونين كانوا يعرفون ان هناك شيئا ما يحدث في الخفاء رغم التعتيم المفروض علي الإعلام الذي ثبت انه اعلام النظام وبوق من الدعاية الزائفة. لم يكن المسجونون بمختلف انتمائهم وشرائحهم يدركون ما الذي يحدث في الخارج فقد كان يوما بحق "أشبه بيوم القيامة" ومع ذلك توقع البعض منهم وخصوصا النافذين ان شيئا ما سيحدث أو علي وشك الحدوث وذلك منذ بداية يوم 25 يناير وخصوصا هؤلاء ممن هربوا أجهزة تليفونات محمولة.. وقامت الإدارة في ذلك اليوم العصيب الذي شكل تاريخا جديدا لمصر باخلاء دور كامل وهو دور "أ" أو العنبر الجديد، قسم ثان سجن أبو زعبل ولم يعرف المسجونون ان سبب الإخلاء بالكامل لهذا الدور الذي يتسع لأكثر من 700 سجين لتسكين عدد آخر من سجناء الرأي والحرية وعندما سأل البعض عن سبب هذا الإخلاء المفاجئ لهذا الدور الذي كان يضم سجناء الأموال العامة وتوزيع قاطنيه علي الأدوار "ب" و"ج" فاجأت الإدارة الجميع بالقول ان سبب الإخلاء هو لإفساح المجال لتسكين المعتقلين في أحداث الشغب الأخيرة كما صرح بذلك مأمور أول قسم "ليمان" أبوزعبل. ومرت أيام 26 يناير و27 يناير وجاءت جمعة الغضب وكانت كما يحكي أحد المسجونين الذي فر من الليمان بدأنا نري توافد أعداد كبيرة معظمهم من الشباب قدرت بحوالي 500 معتقل في حين قدر آخرون العدد بالآلاف حشروا حشرا في غرف تضم ما يزيد علي 50 معتقلا مساحتها لا تزيد علي 3*3 أمتار وبدأت هذه المجموعات تتوافد منذ الساعة الخامسة ظهرا وظلت تتوالي تباعا حتي الساعات الأولي من اليوم التالي. ويحكي طبيب ممن تولوا علاج سبعض الحالات المصابة انه كانت هناك اصابات خطيرة يتركز معظمها في منطقة الرأس والأعين والأرجل وحالات كسور بالغة الخطورة ومعظمها يحتاج إلي النقل للمستشفيات بصورة عاجلة وخصوصا للنقص الحاد في الإمدادات الطبية في مستشفي أبوزعبل وفي الظروف العادية لا يتواجد أكثر من 10 أطباء لا يشملون جميع التخصصات وخصوصا الجراحة والرمد ولعلاج الكسور ونظرا لقلة امكانيات المستشفي وعدم وجود غرفة عمليات بها فمن المفروض ان يتم نقل الحالات الخطيرة إلي مستشفيات وزارة الداخلية ومستشفيات خارجية وهو ما لم يحدث وفي صباح اليوم التالي السبت 29/1/2011 في الساعة العاشرة صباحا كان كل شيء هادئا في السجن باستثناء أصوات العذيب وآهات المرضي التي كانت تهتك الهدوء ويتخللها شعارات من وراء الأبواب يرددها المساجين مثل "يسقط النظام" "يسقط حسني مبارك" "الانتقام من وزير الداخلية وأعوانه" وفي حدود الساعة الثانية عشرة ظهرا قام المساجين بالطرق بعنف علي الأبواب الحديدية مطالبين باخراجهم في مظاهرة سلمية داخل السجن تضامنا مع المعتقلين ومع الشهداء الذين سمعوا انهم سقطوا بأيدي قوات الأمن ثم تحول الطرق إلي محاولات لكسر الأبواب بطفايات الحرايق نظرا لأن قوات الأمن بالسجن ألقت بالقنابل المسيلة للدموع وقنابل الدخان والقنابل المطاطية وقنابل "البلي" البلاستيكية وسرت شائعة قوية أن هناك عدة حرائق اندلعت في السجن وأن هناك عددا من القتلي الذين سقطوا وأن قوات الأمن بدأت في اطلاق الذخيرة الحية عشوائيا ودون سابق انذار، فتحول طرق المساجين للأبواب إلي محاولة لكسرها واقتحامها خوفا علي حياتهم وخصوصا بعد ما لاحظوه من تناقص أعداد قوات الأمن وتمكن المساجين في بداية الأمر من الخروج واقتحام غرفتين والذين قاموا بدورهم وبالحاح من بقية المسجونين بفتح بقية أبواب العنابر والتي تقدر غرفها بحوالي 52 غرفة ويقبع في كل غرفة 45 سجينا علي الأقل وعندما تم فتح جميع الأبواب كانت ألسنة اللهب ترتفع في الكثير من أرجاء السجن وقام رئيس المباحث وأعوانه، العميد أشرف شكري بحسب رواية أحد المساجين باطلاق الرصاص الحي مباشرة علي المسجونين الذين هربوا من العنابر وتجمهورا فوق أسطح المباني المختلفة في محاولة للفرار بحياتهم من وابل الرصاص الذي كان يمر بجانبهم وفوق