حالة من القلق تسود في أوساط عملاء البنوك بسبب ما يسمي ب"أزمة التوكيلات البنكية" فمعظم البنوك ترفض التعامل بالتوكيلات المعقودة بين العملاء وبعضهم البعض من خلال الشهر العقاري وتطالب العميل بإبرام عقد داخل البنك وهو الأمر الذي أدي إلي توترات في فروع البنوك خلال الفترة الماضية حيث يتهم العملاء إجراء البنوك بأنه غير دستوري بينما تبرر البنوك ذلك بحماية عملائها من النصب والاحتيال بحسب وصفهم. بداية القصة تعود إلي صيغة التوكيل الرسمي العام التقليدية القديمة حيث كانت البنوك تشترط أن يتم اضافة التعاملات المصرفية المطلوبة ضمن صياغة التوكيل وهو ما كان يتم عادة حيث كان يضاف بند فحواه يشير إلي تعاملات السحب أو الايداع أو غيرهما وكان محامي البنك ينظر في هذه التوكيلات وبتأكيد صحتها تصبح سارية المفعول في فروع البنك ومع التطور الذي شهدته منظومة الشهر العقاري أصبحت تعاملات البنوك تحظي بتوكيل منفصل في ورقة واحدة مرفقة بالتوكيل الرسمي العام ضمانا لعدم التزوير وكان يشترط علي العميل أن يكون توقيعه مطابقا لتوقيع البنك رغم أن بعض العملاء قد يكون له أكثر من توقيع وفقا للبنك الذي يتعامل معه ورغم قبول العملاء لهذا النص بدأت معظم البنوك مؤخرا في عدم الاعتراف الضمني بتوكيل البنوك المبرم داخل الشهر العقاري وتطالب العملاء بإبرام توكيل داخلي في البنك وهو الأمر الذي أفرز الأزمة الأخيرة. أما العملاء فقد اعتبروا ما يحدث من قبل البنوك نوعا من التعنت وطالبوا المسئولين بالتدخل لحل الأزمة فيقول محمود حمدان موظف بإحدي شركات البترول إن والدته حررت توكيلا رسميا عاما له ولشقيقه يشمل السحب والايداع في البنوك لعجزها الحركي وفي أحد البنوك الأجنبية قال له موظف خدمة العملاء إنه يجب أن يحضر والدته ويحرر توكيلا داخليا وهو ما أدي إلي عدم اتمام عملية السحب واضطر لاحضار والدته وتم تحرير توكيل داخلي رغم أن شقيقه المحامي حاول افهام الموظف ملابسات الموضوع إلا أن إدارة الفرع أصرت علي موقفها. اسمهان رشدي سيدة مسنة حرر لها ابنها توكيلا رسميا للبنوك وتوجهت إلي أحد البنوك الخاصة الكبري لإجراء عملية السحب من حساب ابنها الذي يعمل بالاسكندرية إلا أن موظف البنك بحسب وصفها جعلها تمكث أكثر من ساعة ثم عاد إليها وطالبها بضرورة تحرير توكيل داخلي بينها وبين ابنها. ياسر البنا محاسب قانوني يمثل نموذجا ثالثا علي سبيل المثال وليس الحصر أوضح أنه بموجب توكيله العام المحرر لصالحه من قبل والدته للتعاملات البنكية توجه لأحد فروع أحد البنوك الخاصة الكبري رفض البنك السماح له بصرف الشهادات المستحقة وطلب منه تحرير توكيل خاص داخل البنك. مخاوف.. وضوابط توجهنا للشهر العقاري بعدد من الفروع وطرحنا التساؤلات علي موظفي الفروع وأكدوا أن هناك حالة من الاستنفار والضوابط في تحرير التوكيل الرسمي العام ويتم سؤال المواطن عدة مرات وسؤاله عن عواقب تحريره للتوكيل قبل أن يحرر رسميا ولاتوجد شبهة في ذلك ورغم ذلك وفي بعض الاحيان تحرر محاضر بتهمة التزوير في الأقسام وعند وجود تحريات من قبل المباحث تأتي النتيجة وجود شبهة تواطؤ بين المواطن وموظف الشهر العقاري وهو الأمر الذي يجعلنا نضع مزيدا من التدقيق لضمان عدم التزوير ورغم ذلك تطالب البنوك العملاء بتحرير توكيلات داخلية. موظفو البنوك كانت لديهم رؤيتهم فبينما أجاب بعضهم باقتضاب بأنها تعليمات عليا من الشئون القانونية قال بعضهم إن ما يحدث لمصلحة العميل حفاظا علي حقوقه من النصب والتزوير وقال محمود صابر موظف خدمة عملاء بأحد البنوك الخاصة الكبري إن انتهاء التوكيل في كثير من الأحيان مازال يسبب لغطا في البنوك وقد تم ضبط عملاء في عدد من البنوك في حالة تلبس بعد أن قدموا توكيلات منتهية الصلاحية وهو ما أدي إلي أخذ التحوط في هذا الصدد وأوضح صابر أن البنوك تأخذ بالتوكيل الخاص زيادة في الحرص وليس تشكيكا في مصداقية الشهر العقاري.