كانت مصر أول من قام بصناعة الورق البردي من عصور قديمة وتعلمت منها شعوب العالم هذه الصناعة ولكن كالعديد من الصناعات المصرية مرت بكبوات وعثرات ثم عادت من عدة سنوات لتنتعش شيئا فشيئا، وإن كان انتعاشها هذا طفيفا إلا أنه ملاحظ ويعد بالمزيد خلال الفترات القادمة. "الأسبوعي" تجولت بين مصانع الورق ومطابعه لتتعرف عن قرب علي المشكلات الراهنة التي تواجه هذه الصناعة وأسباب الانتعاشة وكيفية تحسين وتنمية هذه الصناعة والتغلب علي كل الصعاب التي تواجهها. البداية كانت مع عمرو خضر رئيس الشعبة العامة لتجار الورق والذي وضح لنا بأن الورق المصنع في مصر هو ما يسمي بورق الطباعة والكتابة ويصنع منه الكتاب المدرسي والكراريس والكشاكيل والإنتاج المصري من الورق يغطي نسبة 50% من احتياجاتنا الصناعية ويقوم علي إنتاجه عدد من المصانع أهمها وأضخمها إنتاجا هو مصنع قنا للصناعات الورقية وهو يعمل علي صناعة الورق باستخدام قصب السكر وينتج حوالي 120 ألف طن سنويا وبذلك يؤمن ربع احتياجات مصر من الورق. خريطة الإنتاج يليه مصنع مصر إدفو للب وورق الكتابة والصناعة في أسوان والذي ينتج 60 ألف طن من الورق سنويا، ثم يأتي بعد ذلك مصنع راكتا في أبو قير والذي يعتمد علي قش الأرز في صناعة الورق، ثم عدد من مصانع القطاع الخاص والتي تنتج مجتمعة ما بين 20 ألف و30 ألف طن سنويا. أضاف أن مصر تستهلك ما يقرب من 150 ألف طن من ورق الجرائد سنويا وما بين 30 ألف و 35 ألف طن من ورق الأغلفة يتم استيرادها بالكامل من الخارج وذلك لعدم وجود مصنع يقوم بتبني صناعة هذه النوعية من الأوراق. وعند سؤاله عن الانتعاشة التي حدثت خلال السنوات الماضية قال إن سر هذه الطفرة الإنتاجية والصناعية بدأت من عام 1998 إلي عام 2005 وتتمثل في إنشاء مصانع كبري بطاقات إنتاجية عالية كمصنعي قناوإدفو في الصعيد، واعتمادهما في صناعاتهما علي خامات متوافرة في جنوب مصر وهي قصب السكر. أضاف أن الورق المصري يساوي في جودته الورق الأمريكي. عن حقيقة اشاعة وجود ورق محلي ضار بالبيئة فأجاب من المستحيل وجود هذه النوعيات من الورق فالورق المحلي ذو درجة عالية من الجودة والورق المستورد يتم تحليله والتأكد من جودته ومطابقته للمواصفات القياسية من خلال الجهات المتخصصة ومعاملها وبالتالي لا يمكن لأي أنواع ضارة بالبيئة بأن تتواجد داخل السوق المصرية. أشار إلي مشكلة يتسبب بها أصحاب مصانع الورق حيث يقوم عدد منهم بتصدير ما بين 10 و 15% من إنتاجهم للخارج وهذا يؤثر علي احتياجات السوق المصري بشكل سلبي. الأزمة في الطاقة ومن جانبه أكد المهندس عبدالرحمن أحمد العضو المنتدب لشركة مصر إدفو وهي ثاني المصانع المصرية إنتاجا للورق بأنه لا تواجه عملية الإنتاج مشكلات تتعلق بالمواد والخامات الأولية التي تقوم عليها الصناعة ولكن المشكلة الحيوية تتلخص في الطاقة فالمازوت الذي نعتمد عليه في تشغيل الآلات الصناعية سعره في ارتفاع مستمر فتكلفة الطن منذ خمس سنوات كانت 300 جنيه مصري وأصبحت اليوم تساوي 1000 جنيه، وهذا الارتفاع يؤثر في نهاية الأمر علي التكلفة الإنتاجية للورق مما يدفعنا إلي رفع أثمانه، ونحن بحاجة إلي إدخال الغاز الطبيعي للمصانع لنستخدمه بدلا من المازوت في تدوير الآلات ومواجهة غلاء المازوت. كما أنه وللآسف - والكلام لعبدالرحمن - فإن ارتفاع تكلفة طاقة تشغيل المصانع إلي جانب قيام التجار وأصحاب المطابع باستيراد الورق من الخارج أثر علي إنتاجنا ومبيعاتنا بشكل كبير مما دفعنا إلي تصدير منتجاتنا للخارج، فهناك أنواع مستوردة أقل في سعرها من المنتج المحلي وهذا يعود إلي ضعف جودتها ومع ذلك فهناك مطابع تستعين بها. وعند سؤاله عن تكلفة إنشاء مصانع الورق أجاب بأن التكلفة بشكل عام مرتفعة وتزيد حسب طاقة المصنع الإنتاجية فكلما أردنا تضخيم الطاقة الإنتاجية للمصنع كانت تكلفته أعلي.