بعد تمنع ورفض ستضطر إيرلندا أخيرا للقبول بقدر من الوصاية الأوربية علي اقتصادها مقابل حصولها علي قروض ومساعدات ضخمة لم يتم تحديد مقدارها بعد لكي تتجاوز أزمتها المالية وتنقذ بنوكها المهددة بالانهيار وتتمكن من سداد ديونها الخارجية. لقد ظلت إيرلندا طوال الأيام الماضية تقول إنها لا تحتاج للمساعدة الأوربية وإنها قادرة بنفسها وبامكاناتها الذاتية علي تجاوز أزمتها المالية، متجاهلة الضغوط الأوربية التي تعرضت لها في هذا الصدد والتي كان يكمن وراءها تخوف أوربي بأن تؤدي أزمة إيرلندا إلي انهيار سعر اليورو وفقدانه مكانته في سوق النقد العالمية، بعد أن تعرض لانخفاض مؤخرا كان كبيرا.. لكن يبدو أن ضغوط الأزمة المالية الداخلية كانت أكبر من الضغوط الأوربية، الأمر الذي جعل ايرلندا تتراجع أمام هذه الضغوط وتقبل المساعدة الأوربية، رغم انها تعرف أن هذه المساعدات ستكون مشروطة، وأن هذه الشروط ليست سهلة وإنما هي قاسية لدرجة تفرض وصاية أوربية علي الاقتصاد الايرلندي مثلما حدث في اليونان التي فرض الاتحاد الأوربي عليها وصاية مباشرة علي انفاقها وايراداتها من خلال موازنتها العامة. ولقد استقبلت ايرلندا مؤخرا بعثة من خبراء أوربيين ومن مسئولي صندوق النقد الدولي للبحث في احتياجات ايرلندا من القروض التي تساعدها علي انقاذ جهازها المصرفي وعلي علاج الاختلالات المالية التي تعانيها وسداد ديونها، وكذلك للبحث في الالتزامات التي يتعين أن تنفذها الحكومة الايرلندية مقابل الحصول علي هذه القروض التي لم يتم تحديد قيمتها بعد وإن كانت ثمة توقعات تري أنها لن تقل عن 45 مليار يورو، وقد يتضاعف هذا الرقم ليصل إلي 90 مليار يورو، وحسب الأموال التي يحتاج إليها الجهاز المصرفي الايرلندي. أي أن ايرلندا تحت ضغط هذه الأزمة التي تعانيها حاليا خضعت لاشقائها الأوربيين وقبلت مضطرة وصايتهم علي اقتصادها.. ورغم أن المفاوضات التمهيدية بين ايرلندا والاتحاد الأوربي لم تنته بعد فإن ايرلندا طبقا للتصريحات الرسمية لعدد من مسئوليها حريصة علي نجاح هذه المفاوضات لتتمكن من الحصول علي القروض التي تحتاج إليها لمواجهة أزمتها المالية. لقد أعلن مسئول ألماني أنه لا توجد ضغوط أوربية أو ألمانية تحديدا علي ايرلندا للقبول بخطة الدعم والمساعدة الأوربية وأن قبول ايرلندا لمثل هذه المساعدة قرار داخلي لها ولحكومتها.. لكن الجميع يعرفون أن ذلك مجرد كلام دبلوماسي يغلف هذه الضغوط أو ليخفيها، وتنقصه تصريحات رسمية أوربية أخري تحدثت عن خطورة ترك ايرلندا بمفردها بدون تدخل أوربي لخطورة ذلك علي اقتصادات دول الاتحاد الأوربي وعلي عملته اليورو، كما أن الخلاف الدائر الآن بين الأوربيين والايرلنديين حول سعر الضريبة داخل ايرلندا المفروضة علي الشركات يؤكد أن الاتحاد الأوربيين يسعي لفرض شروطه ووصايته عليها مقابل تقديم قروض ضخمة لها ومساعدتها علي تجاوز أزمتها؛ حيث يلمح الأوربيون إلي ضرورة رفع سعر هذه الضريبة، باعتباره سعرا منخفضا لا يتجاوز ال5.12% ويمنح ايرلندا فرصا تنافسية أكبر تجاه بقية الاشقاء الأوربيين.