بينت اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد أغراضها وأهدافها في المادة الأولي منها بأنها: - ترويج ودعم التدابير الرامية إلي منع ومكافحة الفساد بصورة اكفأ وأنجع. - ترويج وتيسير ودعم التعاون الدولي والمساعدة التقنية في منع ومكافحة الفساد بما في ذلك مجال استرداد الموجودات والأموال والنقود المتولدة عن جرائم الفساد. - تعزيز النزاهة والمساءلة والإدارة السليمة للشئون العامة والممتلكات العامة وتحديد مجال ونطاق انطباقها بأنه يشمل منع الفساد والتحري عنه وملاحقة مرتكبيه وتحديد وحجز وإرجاع العائدات المتأتية من الأفعال المجرمة، حتي ولو لم تكن تلك الجرائم قد ألحقت ضررا أو أودت بأملاك الدولة أي أنه لا يلزم حصول أضرار مادية بأملاك الدولة وإنما يحمي هذا النص عناصر معنوية أكثر أهمية هي سمعة النظام الحاكم التي تتأثر كثيرا بانتشار أعمال الفساد وضرورة توافر النزاهة الإدارية والحرص علي المصالح العامة ومكانة الدولة بين الدول الأخري ومدي تعاونها علي تطهير أجهزتها ومعاونة الدول الأخري في ذلك وهي كلها عناصر معنوية تجعل الاستقرار السياسي ممكنا وبدونها يتعذر استقراره أو بقاؤه. والتعاون الدولي يقوم علي أساس تساوي الدول في السيادة دون تدخل في شئون الدول الأخري والمحافظة علي سلامة أراضي كل دولة بواسطة جاراتها، فلا تمارس عليها ولاية قضائية أو غير قضائية (المادة الرابعة من الاتفاقية). وليس في مكافحة الفساد مانع من الاستعانة بالخبرات الأجنبية، فمثلا تستعين الكثير من دول العالم بسفراء من مصر لمراقبة الانتخابات العامة فيها وتسجيل ما يقع من تزوير - فتزوير الانتخابات هو أفسد الفساد - ومع ذلك لا يعتبرون مشاركة سفرائنا للانتخابات فيها مساسا بسيادة دولهم، بل هو عمل يشكروننا عليه، وإذا كانت الانتخابات عندنا نزيهة، فما الذي نخشاه من وجود مراقبين أجانب، انهم سيعطوننا شهادة حسن سير وسلوك علي ما يرونه من نزاهتها. قطع الطريق علي الفساد.. وهناك سياسات وممارسات لمكافحة الفساد كعلاج وقائي فتقول المادة الخامسة من الاتفاقية: 1 - تقوم كل دولة طرف في الاتفاقية وفقا للمبادئ الأساسية لنظامها القانوني بوضع وتنفيذ أول ترسيخ سياسات فعالة منسقة لمكافحة الفساد تعزز مشاركة المجتمع وتجسد مبادئ سيادة القانون، فلا يعلو عليه أحد، وحسن إدارة الشئون والممتلكات العامة والنزاهة والشفافية والمساءلة. 2 - السعي بواسطة كل أطراف الاتفاقية من الدول إلي إرساء وترويج ممارسات فعالة تستهدف منع الفساد ومحاصرته والقضاءعليه. 3 - اجراء تقييم دوري للنصوص القانونية والتدابير الإدارية ذات الصلة لتقرير مدي كفايتها لمنع ومكافحة الفساد. 4 - ايجاد تعاون فيما بين كل الدول الأطراف فيما بينها ومع المنظمات الدولية والاقليمية ذات الصلة حسب الاقتضاء ووفقا للمبادئ الأساسية لنظامها القانوني لتحرير وتطوير التدابير المشار اليها ويجوز أن يشمل ذلك التعاون المشاركة في البرامج والمشاريع الدولية الرامية إلي منع الفساد والتعاون في القضاء عليه من خلال ما تبثه الينا من المعلومات. وهذا النص يدعو إلي عدم العشوائية في محاربة الفساد وعدم التظاهر بمحاربته فقط، فلا يكفي أن يبلغ بعض المواطنين عن بؤر الفساد أو عن مسئول يرتشي، فالفساد أبعد مدي من ذلك بكثير ويحتاج إلي رسم سياسات فعالة مقدما كما يقول النص، وقد ينفرد كل مجال من مجالات الحياة العامة بسياسة مستقلة للمكافحة، ولا تكون سياسات المكافحة بواسطة الشرطة والمباحث، فهذه أجهزة معاونة وليست سياسية، وإنما يتم رسم السياسات بواسطة كبار المتخصصين علميا في القانون والاقتصاد والاجتماع والصحافة والإعلام والتاريخ وعلم السياسة والدبلوماسية وغسل الأموال وعلم الإدارة العامة والعلوم الطبية المتعلقة بمكافحة الجريمة، والجمعيات الأهلية المتخصصة، والمعاهد والمراكز القومية المتخصصة والأجهزة الحكومية للاحصاء، والمحاسبات، والوظيفة العامة، والمخابرات. ويجب أن توضع تحت تصرف من يرسمون السياسات الوثائق الرقابية العامة مثل تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات وسائر الأجهزة الرقابية الأخري، ومن الوسائل الفعالة إرسال بعثات إلي الدول الأخري المتقدمة في محاربة الفساد للتعرف علي سياساتها الخاصة واقتباسها وهو موضوع يدخل في التعاون الدولي.