بعد مرور عشرين عاما علي برنامج الخصخصة وما شهدته تلك السنوات من خلافات حول هذا البرنامج الذي لم تشهد قضية اقتصادية مثله حجما من التلاسن حوله الذي دار بين المسئولين عن البرنامج ومنظمات المجتمع المدني أو الخبراء الاقتصاديين. وبعد المغادرة المفاجئة للدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار السابق وآخر مهندس خصخصة خلال السنوات القليلة الماضية قبل توقفه اكلينيكيا وما صاحبه من إعلان للمهندس رشيد محمد رشيد القائم بأعمال وزير الاستثمار بأنه لن يأخذ من جيوب الفقراء - علي حد تعبيره - للاستثمار في شركات خاسرة يعني ما تبقي من شركات قطاع الأعمال والتي لم تحظ بفرصة الخروج من دائرة القطاع العام وهو ما يعني أن هذا البرنامج مرفوع مؤقتا من الخدمة لحين اتخاذ السلطة السياسية لقرار آخر. وقد خصص المركز المصري للدراسات الاقتصادية ندوته السنوية الثانية عشرة للإعلام الاقتصادي للحديث عن هذا الموضوع الشائك الذي يثير الشجون لدي المصريين ويعمق شعورهم بأن ما حدث خلال تطبيق هذا البرنامج هو جريمة وخطأ لا يغتفر أما بالنسبة للاقتصاديين فالموضوع هو خلاف فكري حول تطبيق البرنامج وكيفية علاج الاخطاء التي شابت التنفيذ خلال المرحلة الماضية. بداية أثار الدكتور طاهر حلمي رئيس المركز المصري للدراسات الاقتصادية العديد من التساؤلات.. هل حققت الخصخصة ما كنا نتمناه لهذا البلد؟!.. هل ضعف الضوابط كان السبب وراء عدم تنفيذ هذا البرنامج بشكل كفء وهل كانت الفرصة متاحة أمام الجميع بشكل متساو خلال تلك السنوات؟! وهل كانت هناك عدالة اجتماعية أثناء تنفيذ هذا البرنامج؟ ويؤكد أن الخصخصة ليست هدفا في حد ذاتها ولكنها كانت أداة لتعظيم كفاءة الاستخدام لتلك الأصول وتحسين عائدها الاقتصادي. كما يري الدكتور عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية بدوره أن الخصخصة لم تكن هدفا أنما الهدف من هذا البرنامج هو نقل الملكية من الدولة إلي القطاع الخاص.. موضحا أنه لن تحدث تنمية في مصر بدون أن يكون القطاع الخاص هو اللاعب الرئيسي في النمو والتنمية في ظل آليات السوق. وأضاف أن أهداف الحكومة واضحة وهي تحقيق نمو اقتصادي أعلي وعدالة اجتماعية.. مؤكدا أن الحكومة قد تنجح في بعض الفترات في تحقيق هذا الهدف المزدوج وقد تنجح في فترات أخري ولا يمكن تصور أن الحكومة تعمل ضد مصلحة المواطن أو الاقتصاد. ويري الدكتور أحمد جلال رئيس منتدي البحوث الاقتصادية أن الحكومة لا تختلف في تحقيق هدفي التنمية والعدالة الاجتماعية وأنما المشكلة في التنفيذ والآليات المستخدمة لتحقيقها.. مؤكدا أن مصر لم تخصخص قطاعات هامة ومازال القطاع العام هو الذي يدير النشاط الاقتصادي كما توضح الدكتورة ماجدة قنديل المدير التنفيذي للمركز المصري للدراسات الاقتصادية والتي تري أن مصر فشلت علي مدار 20 عاما في تحقيق أهداف الخصخصة والسبب هو التطبيق حيث كان من المستهدف خصخصة 30% من القطاع العام والذي يمثل 30% من الناتج المحلي الاجمالي وما تم هو خصخصة أقل من 1%. أما الدكتورة عالية المهدي عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة فتري أن الخصخصة مفهوم أوسع بكثير من مجرد الحصيلة لأنها تعني فتح المجال أمام القطاع الخاص وتسهيل دخول وخروج الاستثمارات. وتساءل الدكتور محمد عمران نائب رئيس الشركة القابضة للتأمين .. اذا كانت ما حدث خلال ال 20 عاما الماضية ليس الخصخصة فماذا يمكن ان نسميها؟! واذا كان قد الحكومة أعلنت أنه لا خصخصة فماذا ستفعل في شركات القطاع العام؟! فهل ستديرها بوضعها الحالي؟! أم يتم خصخصتها بطرق جديدة؟ والسؤال الأخير كيف يمكن تعظيم دور القطاع الخاص اذا كانت الدولة ستظل هي اللاعب الرئيسي في السوق؟! محمد الشيخ