بعد انقسامات حادة بين القوي العالمية الكبري بشأن كيفية الحفاظ علي قوة الدفع التي حظي بها الاقتصاد العالمي وسبل منع تعرض النظام المالي العالمي لازمة أخري انتهت أمس فعاليات القمة الرابعة لمجموعة العشرين التي استضافتها مدينة تورنتو الكندية علي مدار يومين وحمل القادة خلالها أولويات مختلفة بشأن الدين الحكومي وحزم التحفيز والإصلاحات المالية. فبينما تمضي اقتصادات القوي الصاعدة مثل الصين والهند والبرازيل قدما وتحقق نموا بصورة كبيرة لا ينطبق الأمر نفسه علي دول العالم الغنية فأوروبا علي سبيل المثال تكافح في ظل نمو بطيء يتضاعف بسبب أزمة الديون الجارية. يقول إسوار براساد من معهد "بروكينجز" ومقره واشنطن "يسود توتر عميق الآن بين تدابير مواصلة الانتعاش وتدابير السيطرة علي العجز في الموازنة العامة وإجراءات ثانوية خاصة بالمحفزات الاقتصادية لقد حاول قادة مجموعة العشرين العمل علي توفيق مهمتهم أثناء اجتماعهم في تورنتو". وعلي الصعيد المالي أخفي قادة الاتحاد الأوروبي خلافاتهم الخاصة من أجل مطالبة مجموعة العشرين بدفع فرض ضريبة دولية علي المعاملات البنكية التي تتسم بالخطورة إلي جانب فرض ضريبة عالمية علي المعاملات المالية. وكلتا الدعوتين تستندان إلي الرغبة في جعل البنوك تدفع تكلفة الاضطراب الذي أصاب الأسواق العالمية في أعقاب انهيار النظام المصرفي في عام 2008 ولا يوجد اتفاق سواء في الاتحاد الأوروبي أو مجموعة العشرين بشأن كيفية تطبيق الأمر. وتقول صحيفة وول ستريت إن البلدان النامية والصناعية الأصغر تعارض ضرائب البنوك المنسقة معللين ذلك بأنهم لم يكن لهم أي دور في إشعال الأزمة المالية العالمية. وأسقط فرض ضريبة علي البنوك من قائمة أولويات الولاياتالمتحدة حيث إنها تدفع من أجل إجراء إصلاحات مالية أشمل. ومع هذا طالبت إدارة أوباما بالفعل بفرض ضريبة علي المؤسسات المالية الأمريكية لاستعادة تكلفة حزمة إنقاذ الصناعة في السنوات القليلة الماضية. وتضيف الصحيفة أنه حتي في داخل الاتحاد الأوروبي لا يوجد اتفاق بشأن نوع الرسوم التي سيتم فرضها وسبل استغلال الأموال التي سيتم تحصيلها. وتقود ألمانيا ولوكسمبورج دعوات لفرض ضريبة علي التعاملات المصرفية بدعوي أن هذا سيوفر مخصصات مالية ضخمة وسيكبح من التعاملات المصرفية التي تتسم بالخطورة دون التسبب في حدوث ضرر كبير للمستهلكين أو المركز المالي للبنوك. لكن السويد وبريطانيا والتشيك تعارض هذا الاتجاه. وكانت السويد قد قدمت ضريبة مماثلة في فترة الثمانينيات من القرن الماضي وشهدت هروب كثير من شركاتها إلي أوسلو ولندن جراء هذا. وكان الهدف الأساسي ل"قمة تورنتو" هو تقييم أداء الدول الأعضاء في إصلاح القطاعات المالية وتطوير مؤشرات قياس كفاءة مالية جديدة ومناقشة مقترح فرض الضرائب علي المؤسسات المالية وتشجيع سياسات السوق الحرة. وتم استعراض المستجدات في الاقتصاد العالمي خاصة ما يتعلق بمشكلات المديونية العامة في عدد من الدول المتقدمة وإصلاح النظام المالي العالمي وإصلاح المؤسسات المالية الدولية بالإضافة إلي عدد من القضايا الأخري المتعلقة بإعانات الطاقة وشبكات الأمان المالي العالمي . وأكد رئيس الوزراء البريطاني الجديد ديفيد كاميرون أنه لن توجد قواعد منسقة في الاتحاد الأوروبي ما يجعل من غير المرجح أن تحقق مجموعة العشرين نجاحا أكبر. وأصر كاميرون "لا نرغب أن يكون لدينا نوع من ضريبة بنوك محددة أوروبيا مع استخدام محدد للأموال". ودعا المجموعة التي تضم الصين والهند وكبري الدول الأوروبية إلي إعادة تأكيد هدف الوحدة في وقت لا تزال نقاط الضعف الكبيرة مستمرة في اقتصادات عدة من الدول الأعضاء. وقال أوباما إن التعافي الاقتصادي القومي والمستدام يتطلب أن يبني علي طلب عالمي متوازن ولكن نقاط الضعف الكبيرة لا تزال في اقتصادات الدول ال20 وأنا قلق من الطلب الضعيف في القطاع الخاص واستمرار الاعتماد الكبير علي الصادرات من جانب دول لديها أساس فائض . ومن جانبها أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مناقشة المزيد من اللوائح في القمة لضبط سوق المال العالمي جميعا إن الأزمة المالية العالمية اندلعت جراء التعاملات الجامحة في الأسواق "أسواق المال" وهو ما علينا كبحه من خلال ضبط هذه الأسواق من جديد. ورأت أن من بين هذه الإجراءات المطلوبة اعتماد ضريبة علي العقود الاشتقاقية التي تسمح بشراء السلع بشكل آجل دون دفع الثمن فورا. وقد قرر الاتحاد الأوروبي دعم اتخاذ هذين الاجراءين لإشراك البنوك في تحمل نت الأزمة المالية العالمية. غير أن هذه الاقتراحات تحتاج لإجماع دولي حتي تصبح فعالة كما أنها واجهت معارضة عدة دول وكان هناك خلاف واسع بشأن هذه الإجراءات.