رغم صدور قانون للشراكة بين الحكومة والقطاع العام مع القطاع الخاص وبدء التعاقد علي مشروعات تطبيقا لهذا القانون مازالت التساؤلات والمخاوف قائمة، يأتي ذلك بعد أن استمرت تحذيرات وتشكيكات الخبراء والمتخصصين له في جدوي هذا القانون ويبدون تخوفهم من أن تنفيذ القطاع الخاص لمشروعات البنية التحتية والمرافق قد يؤدي إلي سيطرة بعض الأفراد علي الخدمات الأساسية مما سوف يزيد من أسعارها بل وظهور بعض الممارسات الاحتكارية. وفي المقابل يرد البعض الآخر علي هذه الحجج بأن القطاع الخاص هو الأصلح لتقديم تلك الخدمات لمنع التلاعب والفساد الذي يحدث من جانب الإدارة في هذه المشروعات خاصة كما أنه يوفر صيغة مقبولة لتوفير التمويل اللازم لهذه المشروعات. الدكتور مصطفي السعيد رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب حذر من أن تؤدي الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص إلي وجود احتكار في تقديم بعض الخدمات التي علي الحكومة أن تؤديها وهو ما قد يؤدي أيضا إلي تحريك في أسعار تلك الخدمات بالزيادة، ويوضح أنه ورغم أن كثيرا من الدول التي تلجأ إلي القطاع الخاص لتنفيذ مشروعات البنية الأساسية والمرافق بالمملكة المتحدة أو الولاياتالمتحدة فإن ذلك يكون بهدف الاستفادة من خبرات القطاع الخاص في إدارة المشروعات العامة. ونبه الدكتور مصطفي السعيد إلي عدد من المخاطر - رغم موافقته في مجلس الشعب علي قانون الشراكة مع القطاع الخاص - إلا أن هذه المخاطر تتطلب بعض الحيطة والحذر من جانب الحكومة ومنها الخوف من جانب الحكومة علي العمل وضعف السيطرة علي أسعار تلك الخدمات التي تقدم من جانب القطاع الخاص، ضعف مستوي الرقابة والمساءلة وتراجع جودة الخدمة المقدمة، والإنتاج غير المطابق للمواصفات والمعايير الخاصة بسلامة الخدمة. ويري رئيس اللجنة الاقتصادية أن الحل يكمن في أن يتم دراسة جميع العقود المطروحة للشراكة مع القطاع الخاص قبل تنفيذها، وأن يكون لدي الحكومة الضمانات التي تكفي لالتزام المستثمر المنفذ للمشروع بتقديم خدمة جيدة وفقا لمعايير الجودة وبالأسعار المعقوبة، وفي الوقت نفسه ألا تتخلي الحكومة عن دورها من خلال شركاتها العامة في تنفيذ مشروعات البنية الأساسية وألا تترك الأمر بكامله يتولاه القطاع الخاص حتي لا يحدث ما لا تحمد عقباه. المشكلة الحقيقية الدكتور صلاح الجندي أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة وعضو اللجنة الاقتصادية بالحزب الوطني يلفت إلي أن اللجوء إلي الشراكة مع القطاع الخاص ليحل محل الدولة في تنفيذ المرافق العامة هو تخلي من جانب الدولة عن دورها الأساسي في إنشاء وتوفير البنية الأساسية للمواطنين الذي هو الدور الأصلي للدولة، وتمت الخطوة الأخيرة بحجة النقص في الاعتمادات المالية ويري أنه كان يمكن توفير هذه الاعتمادات من خلال الضرائب التصاعدية علي الدخول الطفيلية مؤكدا أنه ليست هناك مشكلة من دخول القطاع الخاص في شراكة مع الحكومة في بعض المشروعات ولكن ليس في مشروعات المرافق. ويوضح دكتور الجندي أن القطاع الخاص يهدف من استثماراته إلي الربح هذا حقه ولا يمكن لأحد أن يلومه علي ذلك لكن المشكلة في أن الخدمات التي تقدمها الدولة تحتاج إلي دعم وبالتالي السماح للقطاع الخاص بتقديم تلك الخدمات سوف يرفع أسعارها وقد يكون هناك نوع من أنواع الاحتكار لبعض تلك الخدمات وهذا تخوف آخر خاصة وأن القانون الذي صدر لتنظيم عمليات الشراكة يعطي الحق للحكومة في السماح للقطاع الخاص بتطوير مشروعات المرافق القائمة.