فيما يعتمد مستقبل كبري أسواق السندات في العالم بدرجة كبيرة علي نحو 14 بنكا مركزيا تسيطر علي احتياطيات بتريليونات الدولارات وتستثمرها في نحو نصف السندات الحكومية المتداولة في العالم إلا أن ضخامة الاحتياطيات العالمية البالغة نحو ثمانية تريليونات دولار والتي تملكها في الأساس الصين واليابان ودول نامية في آسيا ودول مصدرة للنفط مثل روسيا والسعودية تعني أن تحولا كبيرا الآن في هذه الاحتياطيات قد يهوي بالاستثمارات ذاتها التي تحاول البنوك المركزية حمايتها. وفي تطور وصفه من قبل لورانس سمرز المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض بأنه "دمار مالي تضمنه جميع الأطراف" حيث زادت البنوك المركزية التي تربط أسعار عملاتها بالدولار في العالم النامي احتياطياتها بالدولار واليورو والاسترليني والين إلي أربعة أمثالها في عشر سنوات فقط واستثماراتها في سندات حكومات هذه العملات. وأدي ذلك فعليا إلي دعم اقتراض الحكومات والشركات والأسر الأمريكية والأوروبية وشجعها علي التوسع في الاستيراد وشجع الحكومات علي الاقتراض بأي سعر فائدة. ولكن مع تزايد حذر المستثمرين من القطاع الخاص الآن من الدين الغربي المتصاعد فإن الاعتماد المتبادل بين أغني دول مجموعة العشرين وهي نفسها الأعلي مديونية وبين الدول النامية داخل المجموعة ازداد عمقا. والاختبار الذي تواجهه المجموعة باعتبارها الكيان المحرك للاقتصاد العالمي قد يكون كيفية نزع فتيل ما بدا الآن باعتباره "سباق تسلح" مالياً لا إرادياً. وأشار ستيفن اينجلاندر محلل العملات في سيتي جروب في وول ستريت إلي أن الاحتياطيات العالمية ارتفعت إلي ما يزيد علي 50% من إجمالي السندات الحكومية من ما يزيد قليلا علي ربعها في عام 2000. والعملات الأربع الأكثر سيولة هي التي تهيمن عليها. فنحو ثلثي الاحتياطيات بالدولار وربعها باليورو ونحو 3% بكل من الاسترليني والين. لكن حتي تغيرا بنسبة 5% في توزيع الاحتياطيات الآن قد يتطلب تحويل ما قيمته 400 مليار دولار من عملة لأخري وهو ما قد يدفع إلي تهاوي جميع الأسعار المالية. فكثيرا ما ترتجف سوق سندات الخزانة الأمريكية العملاقة خوفا من تكهنات بشأن سلوك أحد كبار حملة الاحتياطيات لكن أثر أي تحول في الاتجاه علي الأسواق الأصغر حجما مثل سوق السندات البريطانية يكون مفزعا. ويقول رافايل جالاردو رئيس أبحاث الاقتصاد الجزئي في اكس انفستمنت ماندجرو في باريس: إن الاحتياطيات بالاسترليني تعني ضمنا أن مديري البنوك المركزية يسيطرون علي نحو ربع سوق السندات بالجنيه الاسترليني البالغ حجمها 800 مليار. وخفض بنسبة 1% فقط في حصة الاسترليني من إجمالي الاحتياطيات يضر السوق بنحو 50 مليار جنيه استرليني. وفي الفترة الأخيرة أثارت أزمة منطقة اليورو القائمة المتعلقة بمخاطر تخلف اليونان عن السداد واحتمال انتشار الأزمة في منطقة اليورو المخاوف من احتمال أن يعيد مديرو الاحتياطيات النظر في منهجهم التدريجي المستمر منذ عشر سنوات للتحول من الدولار إلي اليورو. ويمثل اليورو حاليا ما بين 25 و30% من إجمالي الاحتياطيات العالمية أي ما يعادل تريليوني يورو وخطر أي تحول طفيف في النسب يعامل بحذر شديد. وقدر ستيفين دين من بلوجولد أن انخفاضا بنسبة 10% في سعر صرف اليورو للدولار هذا العام قد يضر أكبر ثمانية من حملة الاحتياطيات بفروق سعر تبلغ قيمتها 200 مليار دولار تتحمل الصين 80 مليارا منها وروسيا 14 مليارا وكوريا الجنوبية سبعة مليارات. وقال جين مشيرا إلي ارتفاع نسبة اليورو في الاحتياطيات العالمية من 18% في 1999 "يفترض أن مديري الاحتياطيات في البنوك المركزية يعيدون النظر في سياسة التنويع بعيدا عن الدولار الآن بعد أن بدا أن اليورو كذلك لم يعد العملة المثالية المقابلة للدولار". وأضاف "قد نشهد تحولا تدريجيا في الاحتياطيات بعيدا عن اليورو والاسترليني وعودة للدولار". لكن مثل هذا التحول قد يكون مدمرا للأسواق إذ إن البنوك المركزية قد تتحمل خسائر أكبر علي محافظها مما شهدته بالفعل وسيتطلب ما يستتبع ذلك من اضطرابات مالية كما شهدنا في الفترة الأخيرة في اليونان تدخلا من جانب مجموعة العشرين علي أي حال.