أثارت التحذيرات الأخيرة لصندوق النقد الدولي من تزايد ديون الدول الغنية وتعديها الحدود الآمنة الكثير من القلق، خاصة مع وصف الصندوق لهذا الأمر بأنه كارثة جديدة لا تقل خطورة عن الأزمة المالية العالمية التي تركت "آثارا عميقة" في التوازنات المالية داخل الاقتصادات المتقدمة . حسب بيانات البنك الدولي بلغ اجمالي الديون الخارجية لدول العالم حتي سبتمبر من العام الماضي نحو 57 تريليون دولار واستحوذت خمس دول كبري علي نسبة 5 .62% من اجمالي تلك الديون وهي الولاياتالمتحدة بنسبة 8 .22% وقيمة ديونها 762 .13 تريليون دولار تليها انجلترا بنسبة 3 .16% ب 259 .9 تريليون دولار وألمانيا 4 .9% ب 328 .5 تريليون دولار ثم وفرنسا 2 .9% بقيمة 2 .5 تريليون وفي المركز الخامس جاءت ايطاليا بنسبة 8 .4% في ب 7 .2 تريليون دولار . وفي المركز السادس جاءت هولندا ثم اسبانيا وايرلندا واليابان أما المركز العاشر فكان من نصيب لكسمبورج واحتلت المراكز من الحادي عشر حتي العشرين بلجيكا وسويسرا والسويد وكندا واستراليا والنسما وهونج كونج والدانمارك والتشيك والنرويج، وتتنوع الديون الخارجية من حيث النوعية، ففي الولاياتالمتحدة شكلت سندات الدين نسبة 5 .58% من اجمالي الدين الخارجي والقروض نسبة 17% والعملات والوادئع 15% والاستثمار الأجنبي المباشر 8% والائتمان التجاري 4 .0% والالتزامات الأخري 1% وبالطبع تختلف نسب نوعيات الدين من بلد إلي آخر . دكتور سمير رضوان المدير التنفيذي الأسبق للمنتدي المصري الاقتصادين أكد ان مصر في مأمن من تأثيرات تزايد هذه الديون مرجعا ذلك لسببين رئيسيين الأول هو أن لدينا تنوعا في حزم التجارة البينية فهناك 30% منها مع الولاياتالمتحدة و40% مع دول الاتحاد الأوروبي و19% مع الدول العربية واما السبب الثاني فهو عدم ارتباطنا بالدولار، حيث يرتبط هو بنا في حدود 30% فقط متمثلة في حجم التجارة . هذان العاملان يجعلانا في حالة أفضل من غيرنا . أما بالنسبة للدول التي ستتأثر فعلي رأسها الصين والتي تعتبر أكبر حائز علي أذون الخزانة الأمريكية وهناك دول البترول الست التي تستثمر معظم فوائضها حتي بعد الأزمة العالمية في سندات الخزينة الأمريكية، كما أنها مرتبطة بالدولار وهذا هو مكمن الخطورة وفي حالة حدوث انهيار للاقتصاد الأمريكي فستكون هناك أزمة كبيرة لهذه الدول، أما نحن فاستثماراتنا أقل في الخزانة الأمريكية، مما يجعلنا من أقل الدول الدائنة للولايات المتحدة . وعن تأثير تزايد ديون الدول الغنية خاصة الولاياتالمتحدة التي حذر منها صندوق النقد الدولي علي مصر يري د .حمدي عبد العظيم الخبير الاقتصادي والعميد الأسبق لأكاديمية السادات للعلوم الادارية انه سيكون سلبيا بدرجة كبيرة علينا، نظرا لأننا دولة نامية ولكوننا جزءا من الاقتصاد العالمي ونطبق نظريات الاقتصاد الحر، مشيرا إلي أن هذا التأثير سوف ينعكس علي عدة أمور أهمها المعاملات التجارية والاحتياطي النقدي والاستثمار الداخلي . ويؤكد عبد العظيم انه لتلافي حدوث أية تأثيرات مستقبلية علي الاقتصاد المصري يجب علي المسئولين في مصر وضع خطة محددة المعالم لتعظيم المنافع من الاقتصاد العالمي، من خلال تركيز الأنشطة الاقتصادية علي النشاط العيني أو الممارسات النقدية، بالاضافة إلي العمل علي تنشيط التجارة البينية مع الدول العربية ودول الجوار المتوسطي وزيادة الاتفاقيات التي تجلب لنا المزيد من المزايا والمنافع الاقتصادية وتقلل مخاطر حدوث أزمات مستقبلية . د .نوال التطاوي وزيرة الاقتصاد السابقة تشير إلي أن خطورة تزايد ديون الدول الغنية، تكمن في امكانية اتخاذ هذه الدول لمجموعة من الاجراءات الانكماشية، حتي يمكنهم تسديد هذه الديون، وهو ما سيؤثر بالتالي علي استثمارات هذه الدول في الخارج وكذلك استيرادهم من الخارج، منوهة إلي ان المشكلة تظهر بشكل كبير في ديون الولاياتالمتحدةالأمريكية، لأن الدولار هو الاحتياطي النقدي في دول العالم، أما الدول الاخري فديونها في الحدود الآمنة وتضع سياسات لا تؤثر علي اقتصاد العالم . وقللت نوال التطاوي من حدوث تأثيرات كبيرة علي اقتصادات الدول النامية مرجعة ذلك إلي أن الدول المدينة سوف تستطيع التعامل مع هذه المشكلة، لكن لابد من تدخل صندوق النقد الدولي لمساعدة هذه الدول في التعامل مع تزايد ديونها، مضيفة ان هناك حرصا من البنك المركزي المصري لتنويع سلة العملات، كما ان لديه سيناريوهات مختلفة لاتخاذ اجراءات في حالات الأزمات . من ناحية اخري اشارت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية إلي أن الدول الثلاثين الأكثر تقدما في العالم ستشهد ارتفاعا في ديونها بنسبة 100% من اجمالي ناتجها المحلي في ،2010 وهو ما يمثل ضعفي ديونها تقريبا في غضون عشرين عاما، وستلامس ديون اليابان نسبة ال 200% من اجمالي ناتجها المحلي تليها ايطاليا "3 .127%" بحسب هذه التوقعات .