علي ضوء المناقشات الموضوعية والتقييم العلمي لمشروع قانون التأمينات الاجتماعية المعروض علي مجلس الشعب بعد إقراره من جانب مجلس الشوري فإنه يظهر به مجموعة اتجاهات تجعل من الضروري بل من الواجب إعادة النظر في قبوله للصالح العام. وهذا التقييم يعتمد علي المبادئ الآتية: * يوجد شبهة عدم الدستورية لاصدار مشروع القانون حيث انه توجدوجد حاليا مجموعة قوانين تشكل منظومة متكاملة لتطبيق مفهوم التأمين الاجتماعي، ومن غير المناسب تطبيق قانونين لموضوع واحد وفي وقت واحد، احدهما قد استقرت أحكامه وفهمه، وظهر من التطبيق العملي بعض الملاحظات التي تستوجب المعالجات القانونية والعلمية بهدف المحافظة علي استمراره لأنه يجمع أطياف وشرائح القوي العاملة في مختلف مراحل العمر، والمشروع الجديد يخاطب فقط العمالة التي تستخدم اعتبارا من تاريخ الاصدار، وهو بهذا يتعارض مع أحكام المادة 40 من الدستور المصري والتي تشير إلي أن المصريين متساوون في الحقوق والواجبات، خصوصا وأن مشروع القانون قد حدث وألغي وعدل الكثير من الحقوق المكتسبة وأحدث مجموعة قواعد في الصياغة والأحكام تقلل من مفهوم التأمين الاجتماعي العلمي وتخرج به إلي مفهوم التأمين التجاري الذي يعتمد علي مجموعة من رياضيات التأمين، وتهتم بوضع التطبيق علي أساس أن يكون الفرد الواحد هو أساس المعاملات المالية والمزايا وذلك دون أن يكون لفكرة التكافل من الجميع لخدمة الفرد. * الغاء دعم الدولة بواقع 1% من اشتراكات تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة، وهذا النوع من التأمين الاجتماعي يمثل الركيزة المهمة ويندرج تحته أكثر من عشرة ملايين مؤمن عليه. هذا فضلا عن الغاء دعم الدولة لسداد الاشتراكات المستحقة عن العامل في حالة تكليفه بأداء الخدمة العسكرية والوطنية ممولا من وزارة المالية. والمشروع الجديد حذف هذا الدعم وحذف أيضا مدد الاشتراك التي كانت تضاف إلي مدد اشتراك العامل المجند. ويقابل هذا الالغاء أن الدولة تضمن صرف الحقوق التأمينية، وهو أمر يتحقق فعلا من خلال الموارد مقارنة بقيمة المزايا في كل من القانون الحالي ومشروع القانون المعروض. * الغاء نظام مكافأة نهاية الخدمة بالكامل. * تم تخفيض اشتراكات تأمين اصابات العمل بنسبة 2% ولم يحدد كيفية استفادة العمال بالرعاية الصحية أثناء العلاج. * تم تخفيض اشتراكات التأمين الصحي إلي 1% ولم يحدد نظام للعلاج بأي صورة. * تخفيض تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة بنسبة 3% في حين اعتمد علي رفع أجر الاشتراك بدون أي حدود. ولا أحد يعلم لماذا تصر وزارة المالية علي مادتين في المشروع كما هما ولا تستجيب لمطالب تغييرهما وهما: * الأولي الخاصة بقاعدة احتساب المعاش. وحيث من المعلوم أن المؤمن عليه من حقه أن يتعرف عن ما يقدمه له النظام التأميني من حقوق، وهو في القانون الحالي يتحدد بمعادلة: متوسط أجر * 1/45 * مدة الاشتراك "لمعاش الشيخوخة". وهو معادلة واضحة ومفهومة وتحددت هذه المعادلة اكتواريا أما ما ورد بمشروع القانون فمعادلة احتساب سن الشيخوخة. رصيد الحساب الشخصي مقسوما علي دفعة الحياة عند التقاعد = المعاش المستحق. مقام المعادلة "في هذه الحالة" مجهولا ولا يعلم إلا عند تقدم صاحب المعاش للحصول علي معاش التقاعد عند انتهاء خدمته، وتتحدد "دفعة الحياة" بمعرفة تقرير الخبير الاكتواري كل 5 سنوات وتكون عرضة للتغيير حسب ما يتم من بحوث ودراسات تتعدد عناصرها. ومن هنا نجد أن المؤمن عليه لا يعلم مسبقا قيمة المعاش الذي سيحصل عليه في تاريخ انهاء خدمته. والثانية هي تحديد سن المعاش إلي 65 عاما بدلا من 60 عاما وهي منصوص عليها في قوانين التوظف "قانون العمل/ قانون العاملين بالدولة وقطاع الأعمال العام"، وإنما هي شرائح قليلة من المجتمع الوظيفي يمتد سن المعاش بها إلي سن 65 عاما أو أكثر "علماء الأزهر أساتذة الجامعات ورجال القضاء"، فضلا عن أن شرائح أخري قليلة تنتهي خدمة العاملين بها في سن 55 عاما كالأعمال الصعبة "المناجم والمحاجر". والمسألة تكمن في استمرار تشغيل العمالة حتي سن 65 عاما بدعوي أن متوسط الأعمار قد زاد بنسبة 15 عاما للذكر