هل نستطيع محاكمة برنامج الخصخصة والذي بدأ منذ منتصف الثمانينيات كما طالبت لجنة القوي العاملة بمجلس الشعب وهو المبدأ الذي رفضه الدكتور زكريا عزمي باعتبار أن الحكومة الحالية لم تخصخص الكثير من الشركات وأن هناك حكومات سابقة مشتركة في المسئولية؟! ويبدو علي كل حال أن هذا البرنامج سيظل يثير العديد من التساؤلات خلال السنوات القادمة خاصة أن العديد من المشكلات بدأت تنفجر في الشركات التي تمت خصخصتها بسبب تراجع أداء تلك الشركات ومشكلات العمال وأحدثها وليس آخرها أزمة شركة طنطا للكتان وشركة عمر أفندي والشركة المصرية لصناعة المعدات التليفونية وشركات استصلاح الأراضي وشركات الري والاشغال العامة والتي أعلن وزير الاستثمار الدكتور محمود محيي الدين في مجلس الشعب عن نقل شركات الري واستصلاح الأراضي إلي الوزارات التابعة لها مؤكدا أن هذه حالات خاصة واستثنائية لا ينبغي القياس عليها لاعادة شركات أخري إلي حوزة الدولة وأن هذا القرار دليل علي أن الخصخصة ليست هدفا وإنما وسيلة. وأصبح من المؤكد أن هناك اتفاقا حكوميا علي تهدئة برنامج الخصخصة خاصة بعد أن ازدادت الاعتصامات العمالية أمام مجلس الشعب وتحديدا من الشركات التي تمت خصخصتها والدليل هو اتفاق تصريحات الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية مع كلام وزير الاستثمار حيث أكد في واشنطن أن مصر انتهت من عملية الخصخصة وأن الشركات الباقية في يد الحكومة قد تعاد هيكلتها بدلا من بيعها مؤكدا أن الشركات في قطاع الغزل والنسيج والانشاء بشكل خاص تحتاج إلي التعامل معها بشكل مختلف عن طريق اتباع وسائل أخري منها خصخصة الادارة أو المشاركة في الأرباح أو البيع المؤقت وليس عن طريق البيع الكامل. وقبل الاستمرار فيما تنوي الحكومة أن تقوم به خلال الفترة القادمة تجاه ما تبقي لديها من شركات قطاع الأعمال العام فإن هناك مساوئ كثيرة للبرنامج الذي بلغت حصيلة البيع وفقا له خلال سنوات حكومة نظيف 2004 2005 حوالي 3.39 مليار جنيه حتي 2008 تباطأت لتصل حصيلتها من 8 عمليات خلال 2008/2009 إلي 9.1 مليار جنيه وذهب أغلبها في 3 مجالات الأول برنامج المعاش المبكر للتخلص من العمالة الزائدة والثاني للتخلص من بعض المديونيات لشركات القطاع العام والثالث تم ضخه للموازنة العامة للدولة.. كما أن الشركات الخاسرة لم يتم بيع شركة واحدة منها للآن بخلاف تسريح العمالة والتي تشير الارقام إلي أنها تجاوزت ال850 ألف عامل. وأسوأ ما في هذا البرنامج أنه أفرز العديد من المراكز الاحتكارية والنموذج "السافر" هو قطاع الأسمنت حيث تركته الحكومة بعد اتمام البيع دون ضبط للأسعار ويحدث ذلك في الوقت الذي اعترض فيه مجلس العمومي البريطاني عام 1986 علي زيادة حصة الحكومة الكويتية في ملكية شركات البترول البريطانية علي الرغم من أن الحكومة الكويتية في ذلك الوقت اشترت الزيادة في حصتها من خلال البورصة والحالة الثانية والتي عرفت بصفقة موانيء دبي في السوق الأمريكية ورغم شفافية الصفقة وأحقية دبي بالصفقة ومع ذلك تم الغاؤها. وبعيدا عن المساوئ والاخطار التي جرت في إدارة هذا البرنامج والتي تستمر آثارها السلبية يحصده المجتمع المصري لسنوات تواجهنا التصريحات الحكومية الأخيرة التي تسعي لتهدئة ملف الخصخصة مع خروج أزمة العمال إلي السطح ولكنها مع تلك التصريحات لم استبعد الاستمرار في هذا الطريق لنهايته حيث انتهت وزارة الاستثمار من اعداد قائمة تضم حوالي 40 شركة تابعة لبرنامج إدارة الاصول تمهيدا لعرضها علي مجلس الوزراء وطرحها للبيع ضمن برنامج الخصخصة بعد توقف دام عامين بسبب مشروع الصكوك الشعبية الذي لاقي رفضا من الشارع السياسي ومنظمات المجتمع المدني وسيتم البدء بطرح حصص من شركات تعمل بنشاط التأمين لا تقل عن 20% من هيكل الملكية يليها شركات من قطاع الأعمال علي أن يتم البيع للجمهور من خلال البورصة وليس لمستثمر استراتيجي وذلك وفقا لما قاله وزير الاستثمار نهاية العام الماضي بأن خطة الحكومة هي البدء بطرح حصص أقلية من شركات حكومية بنسب تتراوح بين 20 و30% للاكتتاب العام.