لست معارضا ولا أقف في الصفوف الاحتجاجية وفي نفس الوقت لست عنصرا في الحزب الوطني، وإن كنت مع النظام وربما علي يساره اشكو لطوب الأرض من رذالات بعض رجاله، ولا أطمح في منصب ولا أمشي في ديل فلان أو علان، واعتبر نفسي "مؤسس" وعندي امتنان لوطن أعطاني كثيرا ومازال و"خدمت" مع مبارك ومازلت بقناعة من هذا المنطلق أكتب عن سلوك سياسي يفتقد حقا إلي الرشد والرشاد. والسلوك صادر من السيد أحمد عز أمين التنظيم في الحزب وما كان من الممكن أن يسلك هذا السلوك السيد كمال الشاذلي أمين التنظيم السابق في الحزب الوطني والبرلماني المتمرس.. فهل ما جري يغفره شباب أحمد عز السياسي حيث لم "تعجنه" التجارب فتعطيه "بعد النظر" والحنكة؟ الأستاذ أحمد عز "رجل أعمال" ناجح ويلعب بالفلوس من تجارته في الحديد ويمسك بخيوط اللعب في الحديد.. كل هذا واقع محسوس.. وهو رجل علي حد قول أسامة سرايا منظم جداً ودقيق.. والسيد عبد الرحيم الغول، عضو بارز في الحزب الوطني وربما كان رجل الحزب في الصعيد.. وقد انتقدت الغول يوم "هبش" في النائبة المحترمة ابتسام حبيب حين اقترحت في البرلمان "تقنين" الزواج العرفي بتوثيقه.. وكانت هبشة الغول لأنها قبطية "ومالك ومال الحاجات دي؟" وتصورت أن الدكتور فتحي سرور سوف يلوم الغول لأن ما قاله ضد مبدأ المواطنة علي طول الخط إلا إذا كانت "المواطنة" حبراً علي ورق لحمة! وفي قضية نجع حمادي ليلة مصرع 6 أقباط ومسلم ليلة عيد الميلاد، تردد بشدة أن القاتل تربي علي حجر الحزب الوطني وأنه من رجال الغول. أقول تردد رغم يقيني.. وفي البرلمان كان الغول "يهبش" النائبة المحترمة جورجيت قليني بكلمات لا أحب أن أرددها حتي لا أوقظ مواجع جورجيت.. وكانت جورجيت صادقة مائة في المائة حين أشارت إلي من وراء مذبحة نجع حمادي، الحادث السكين المغروس في جسد هذا الوطن.. وكنت انتظر كلمة من سرور سيد منصات البرلمان، ولكنه لم يحسم الأمر كما أعتقد الرأي العام. هناك في قنا صامتان اثنان وهما قبطيان أحدهما أسقف والثاني محافظ.. فالأسقف كيرليس يعلم من "المحرضين" علي الجريمة ويبدو أن صمته اضطراري.. والمحافظ مجدي أيوب ليس قبطيا ارثوذكسيا، وصمته، صمت سياسي.. والقضية اهتم بها النائب العام والرأي العام ومسلمو مصر قبل أقباطها.. فهناك محاولات مستميتة للسلام الاجتماعي المنشود.. وجاء خبر عن البابا شنودة يقابل هيئة الدفاع عن ضحايا عدوان نجع حمادي الآثم حتي لا تموت القضية أو يتغير مسارها.. وهذا وارد! وسط هذا الجو المشحون يذهب أحمد عز للغول 1 ليسانده كأمين تنظيم الحزب.. 2 ليقول له "ولا يهمك".. 3 ليؤكد له أن الحزب معه فلا يقلق و"مايشلش هم".. 4 ليهمس في أذنه أنه لن يستبعد إرضاءا للبابا شنودة الذي تيقن من كل ما أحاط بالحادث الآثم.. قام عز أعزه الله بالزيارة ولم تنته المحاكمة للقتلة بعد. هل صفوت الشريف علي علم بالزيارة؟ هل جمال مبارك يعلم بالزيارة؟ طيب استني يا عم عز لما يصدر قرار القاضي ببراءة الغول مما نسب إليه.. فالسياسة ليست عملا عشوائيا بل كل خطوة محسوبة. وهل تمثل نفسك أم تمثل الحزب الوطني في هذه الزيارة؟ إنه الحزب الحاكم وله هيبته. ألم تقدر مقدما أن الزيارة قد تغضب أقباط مصر؟ يا رجل، كيف فات عليك أن حادث نجع حمادي من الممكن أن يكون شرارة تحولنا إلي لبنان أخر، لولا أن في مصر رجل اسمه حسني مبارك هو صمام أمان من هذا الانفلات. بالفعل، هذا "انفلات سياسي" في بلد يستعد لانتخابات مهمة، ولا يبشر بالخير.. للوطني. يبدو أن في مصر، إشارات المرور السياسي متوقفة وهذا يفسر "حوادث الصدام" مع الرأي العام.