قالها الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب: "خير لنا أن نغلق الجامعات، بدلا من أن نعطي الخريج 100 جنيه شهريا.. وقال ان ما يتقاضاه الشاب شهريا لا يكاد يصل إلي ما قد يتقاضاه موظف في مهمة عمل لمدة ساعة واحدة. وطالب سرور بالحد الأدني للاجور حتي تلتزم الحكومة مؤكدا أن ما يحدث يمثل اهانة مرفوضة، ولا يمكن لاحد قبوله. والمعروف أن الدكتور فتحي سرور رجل حكيم وقانوني بارز ولا يمكن أن يقول مثل هذا الكلام إلا بعد أن شعر أن الامور لم يعد السكوت عنها.. ويطالب الحكومة بالسعي إلي إصلاح هذا الخطأ.. وليس من المعقول أو المقبول ونحن نعيش في عصر مبارك أن يتقاضي خريج الجامعة 100 جنيه. كيف يعيش شاب تخرج في الجامعة بعد سنوات من الجهد والتعب والمصاريف بهذا المبلغ الضئيل!!.. كيف يبني مستقبله ويكون اسرة بمبلغ لا يساوي كيلو ونصف الكيلو من اللحم.. والحكومة دون أن تدري أو ربما تدري تدفعه إلي الاختلاس والرشوة وابتزاز المواطنين لكي يستطيع ان يعيش حياته في مواجهة الارتفاع المستمر في الأسعار.. وما يسببه ذلك من تزايد في الاعباء المادية التي تفوق طاقته. وكما يقول د. سرور نغلق الجامعات و"بلاها" تعليم و"بلاها" صرف واعتمادات بالملايين علي المدارس والجامعات.. طالما أن النتيجة ان الخريج لا يجد عملا.. واذا وجده فإنه لا يستطيع أن يفتح بيتا. في مصر حوالي 6 ملايين موظف وعامل في الجهاز الإداري للدولة وتنص المادة ال 23 من الدستور علي ضرورة ربط الاجر بالانتاج وضمان حد أدني للاجور ووضع حد أعلي يكفل تقريب الفروق بين الدخول.. ولكن ما نراه هو العكس.. فالحكومة تكيل بمكيالين مع موظفيها.. حيث نجد الموظف الذي يعمل في التموين أو التجارة أو الاوقاف يتقاضي أجرا أقل بكثير من نظيره الذي يعمل ويحمل نفس المؤهل في وزارات المالية والكهرباء والاتصالات والبترول والبنوك الحكومية وهذه الوزارات محجوزة للموعودين والمحسوبين.. أما الوزارات الأخري فهي لأولاد "البطة السوداء".. تفاوت ملحوظ وواضح في الاجور ولا توجد عدالة حقيقية في احتساب الاجر.. وهذا التفاوت الغريب الذي لا نجده إلا في مصر بالرغم من أن المؤهل واحد والخبرة واحدة، والحكومة هي نفس الحكومة إلا أنها سياسة تتسم بالعشوائية وعدم العدالة، مما يوجد معه مرارة الغضب والحقد داخل الموظف.. وفي النهاية ينفجر في شكل احتجاجات واعتصامات وتظاهرات كل أسبوع. في بداية السبيعينيات من القرن الماضي كان خريج الجامعة يتقاضي 17 جنيها شهريا وخريج المؤهلات المتوسطة 12 جنيها.. وكان هذا الأجر يستطيع الموظف أن يتزوج به ويفتح بيتا ويكون أسرة.. ولكن مع ارتفاع الأسعار والخدمات بمعدلات تزيد بكثير عن زيادة المرتبات أوجد هذه الفجوة في ظل غياب تسعيرة عادلة للسلع والخدمات. وفي هذا الصدد أصدر الاتحاد المحلي لعمال حلوان بيانا يطالب فيه بضرورة وضع حد أدني عادل للأجور لا يقل عن 900 جنيه.. واشاد البيان بالحكم القضائي الذي صدر من محكمة القضاء الإداري يلزم فيها الحكومة بتحديد حد أدني طبقا لاحكام المادة ال 34 من القانون رقم 12 لسنة 2003.. والهدف هو تقدير العمل وتقليل الفقر ورفع الانتاجية.. ويكون محفزا للعاملين علي العمل والاخلاص والابتكار. وأن يرتبط الاجر بالتوصيف الوظيفي ومهام الموظف أيا كانت الوزارة أو الجهة التي يعمل بها. نحن في مرحلة تحتاج إلي تعديل الحد الأدني للاجور بحيث يمكن أن يستفيد الجميع خاصة الفقراء من ثمار النمو الاقتصادي الذي تحقق مؤخرا.. وعلي المجلس القومي للاجور بأن يباشر مهامه علي وجه السرعة.. حيث إنه لم يتم تعديل الحد الأدني للاجور منذ عام 1984 رغم ما شهدناه من ارتفاع واضح في الأسعار والخدمات وزيادة تكاليف المعيشة. الأمر لا يحتمل التأجيل أو التأخير.. واذا كانت الدولة تبحث عن حقها في فرض الضرائب لتمويل هذه المطالب، وضمان الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع.. فإن واجبها أيضا هو الاهتمام باصلاح الاجور وتوفير حياة كريمة للمواطن المصري الفقير ومحدودي الدخل.