في وقت ما من عام 2014 سيتم تسييل الغاز الطبيعي وتحميله في الناقلات البحرية الراسية في ميناء كيتيميت الكندي الذي يقع علي شاطئ الباسفيك ويبعد 650 كيلو مترا عن فانكوفر. ومن المحتمل حينئذ أن تتجه الناقلات بحمولتها إلي آسيا أما مصنع التسييل الذي سيقوم بهذه المهمة فتتولي إنشاءه شركة أباتش كوربورتسان الأمريكية للطاقة وهو لس أول مصنع من نوعه في أمريكا الشمالية حيث يتم تصدير الغاز المسيل من الاسكا إلي اليابان منذ عام 1969 أي منذ 41 سنة. ولكن مصنع كيتيميت عند قيامه سيكون واحداً من أهم مشروعات الطاقة في القارة الأمريكية. وتقول مجلة "الإيكونوميست" إن كيتيميت كانت منذ 5 سنوات فقط موقعا للاستيراد لا التصدير حيث كان إنتاج الغاز الطبيعي يتآكل وأسعاره تتصاعد وتبدو أمريكا الجائعة إلي الطاقة وجلة من احتمال نفاده أما الآن فإن الوضع صار مختلفا حيث تبين أن أمريكا الشمالية مستودع هائل ولا مثيل له للغاز الطبيعي. كما أن واردات الولاياتالمتحدة من الغاز المسيل قد تراجعت وأصبحت تأمل في الاكتفاء الذاتي بعد ما جري اكتشافه لديها من حقول الغاز. وبديهي أن هناك مناطق أخري من العالم غنية بمخزونات الغاز الطبيعي حتي أن خبراء هذه الصناعة صاروا يرون أنها مقبلة علي ثورة ستغير من طبيعة المعركة ضد الانبعاثات الكربونية. وتهدد سيطرة الفحم علي محطات توليد الكهرباء. وتحد جذريا من سطوة مصدري البترول والغاز التقليدي وتقلب الجغرافيا السياسية للطاقة عالميا رأسا علي عقب. ففي ولاية تكساس قادت شركة ميتشل اينرجي ثورة جديدة في الحفر عن البترول والغاز بطريقتين الأولي هي التكسير الهيدروليكي أو هيدروليك فراكنج والثانية هي الحفر الأفقي لاستخراج الغاز الطبيعي من الصخور الطفلية.. الطريقة الأولي تنطوي علي حقن التربة بمواد كيماوية ومواد أخري تفتت هذه الصخور وتطلق ما فيها من خزانات الغاز قبل أن تهرب والطريقة الثانية تبدأ باختراق التربة عمودياً ثم التحرك بعد ذلك أفقيا في أي اتجاه لمئات وربما آلاف الأمتار للوصول إلي مصائد الغاز ونظرا لارتفاع تكلفة الاستخراج بهذه الطرق فإن الأمر كان يتطلب الانتظار حتي ترتفع أسعار الغاز ليصبح مربحا تجاريا وذلك علي الرغم من أن شركة ميتشل انيرجي تعمل في هذا المجال منذ تسعينيات القرن الماضي. ولأن طبقات الصخور الطفلية منتشرة في انحاء كثيرة من الولاياتالمتحدة من تكساس إلي كولومبيا البريطانية فإنه من المنتظر أن يكفي هذا الغاز الاحتياجات الأمريكية لمدة مائة عام أو أكثر ومما يذكر أن روسيا كانت حتي عام 2008 أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم ولكن من المرجح أن تكون الولاياتالمتحدة قد لحقت بها في عام 2009 حيث بلغ حجم إنتاجها في العام المذكور أكثر من 600 مليار متر مكعب من الغاز. ومعروف أن البترول والغاز سلع ذات طبيعة سياسية واستراتجية وأن مخزوناتها المحققة باستخدام طرق الحفر التقليدية توجد إما تحت سطح البحر أو في بلدان يصعب علي كبريات شركات البترول الغربية التعامل معها سياسيا. ولذلك فإن استخدام طرق جديدة للحفر واستخراج الغاز من الصخور الطفلية يعتبر فرصة أمام الشركات القريبة الكبري لزيادة إنتاجها واحتياطياتها من الغاز. ولذلك لم يكن غريبا أن تدفع أكسون موبيل 41 مليار دولار في ديسمبر من العام الماضي لشراء شركة الغاز الطبيعي XTO IEA حجم احتياطيات الغاز في صخور العالم الطفلية بأكثر من 921 تريليون متر مكعب أي أكثر من خمسة أضعاف الاحتياطيات العالمية المؤكدة من الغاز الطبيعي الموجود في أماكن تقليدية. والآن تتدفق شركات الحفر علي مناطق الصخور الطفلية الأوروبية كما تسابق الصين الزمن لامتلاك ناصية تكنولوجيات الحفر الجديدة وإذا كانت أوروبا تسابق الزمن لسد جزء من احتياجاتها المتزايدة من الغاز عن طريق الحفر في الصخور الطفلية فإن الصين وضعت لشركاتها رقما مستهدفا يناهز 30 مليار متر مكعب من الغاز المستخرج من الصخور الطفلية وقد حققت الشركات هذا الرقم بالفعل عام 2008 وهو يساوي نصف احتياجات الصين من الغاز سنويا.