كلما جاء السادس والعشرين من يناير فأنا أتذكر واحدا من كبار مؤلفي المواهب في النصف الثاني من القرن العشرين، وهو الفنان حسن فؤاد، هذا الذي اكتفي من الحياة علي ظهر الارض بستين عاما فقط لاغير، بعد ان ترك لنا العديد من البشر الذين قام بالكشف عن مواهبهم عبر عمله الدءوب في دنيا الصحافة المصرية، خاصة دار روز اليوسف، لعل أهمهم علي الاطلاق الفنان العظيم صلاح جاهين والفنان الذي لا نظير له حجازي الرسام، وايضا جورج البهجوري، ولن أضيف أسماء مثل محمود السعدني الساخر العظيم شفاه الله وعافاه، وصولا إلي الفنان عبدالعال، فضلا عن إعطائه الفرص للأجيال الشابة كي تقود المواقع الصحفية في دار روز اليوسف والمجلة التي وضع تصميمها وكان معجزة في التصميم البسيط الموسيقي المعجز لفن من فنون الرؤية، فللعين موسيقي كما ان للأذن قدرة علي استيعاب الكلمات والرسوم، وقد حدث ذلك في مجلة صباح الخير، وهي المجلة التي كلما دخلت غرفة رئيس تحريرها محمد عبد النور صافحتني لوحة الغلاف في العدد الثاني من المجلة، ورسم فيها حسن فؤاد وجها أنثويا صبوحا لفتاة تضع منديل الرأس وتنادي علي واحد من الباعة الجائلين، وأظن ان حسن فؤاد لو كان قد رسم هذه اللوحة بالألوان الزيتية لدخلت المتاحف لتنافس رسوم محمود سعيد، ففيها من الطزاجة والآصالة وتفرد الأسلوب ما يعجز عنه حاليا العديد من الرسامين المعاصرين. وكان حسن فؤاد يؤمن بأن الفن يجب ان يكون فصيحا بمعني أن العين المصرية المكدودة تحت ضغوط اليوم العادي تحتاج إلي الرسوم التشخيصية الواضحة، وهو من وضع كل الامكانات البسطية في خدمة كل من يحتاج إلي التعبير عن نفسه. ولن أنسي أيام اتفاقنا كهيئة تحرير صباح الخير مع المطرب الكبير عبدالحليم حافظ علي نشر مذكراته بصباح الخير، وكيف قضي هو والاستاذ لويس جريس أياما في ترتيب كيفية نشر المذكرات ودعم كاتبها كاتب هذه السطور وعندما حصلت علي إعلان عن المجلة بصوت عبدالحليم حافظ أصر علي مكافأتي برحلة إلي لندن لأقضي أياما أرفه فيها عن نفسي ببدل سفر كامل وشاركه في الحماس الفاضل والمعلم لويس جريس أطال الله عمره وحماه فهو شعلة من القدرة علي تعليم الشباب فنون الأمانة مع النفس. أحكي ذلك لأن عيد ميلاد الرجل يأتي ونمر عليه نحن الذين اكتشف قدراتهم حسن فؤاد دون ان نتذكره، علي الرغم من انه وهبنا مساحات من الثقة بالنفس يصعب علي العديد من المعاصرين ان يمنحوها للأجيال الشابة. وعلي الرغم من رحيلك ياعم حسن، إلا أن أنفاسك معنا، لذلك أقول لك: "كل سنة وأنت طيب بما علمته لغيرك وتذكرك به تلاميذك ومحبوك".