مؤخرا تم افتتاح خط غاز الجنوب الممتد بطول يقترب من 1000 كيلومتر حاملا الغاز الطبيعي المستخرج من أعماق اكثر من الف متر تحت المياه العميقة في البحر المتوسط إلي الصعيد بكل مدنه حتي اسوان لضخ الغاز الطبيعي إلي المنازل والمصانع وأيضا محطات تموين السيارات. شريان الغاز الطبيعي يعتبره البعض بمثابة جهاز تنفس صناعي لانعاش الجنوب واخراجه من غيبوبته الاقتصادية لتدب الحياة في جسده المريض من جديد. وسط فرحة الجنوب بشريان الحياة الجديد تأتي تحذيرات الخبراء والمستثمرين من نوعية الصناعات التي يجب أن يتم اختيارها وألا ترتكز علي الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة حتي لا يكون وصول الغاز وكأنه لها فقط.. وأن يتم اختيار صناعات النسيج والصناعات الصغيرة والوسيطة التي تتسم بكثافة العمالة.. فيما تصدر مخاوف بعض المستثمرين من تحميل تكاليف الخط علي فواتير الاستهلاك المتوقع لهم مما يفقد الحافز فاعليته ويحوله إلي عبء من نوع جديد.. والاسئلة التي يطرحها وصول خط الغاز إلي اقصي الصعيد هل يتغير شكل الصعيد خلال الاعوام القادمة أم يبقي علي حاله، وما طبيعة الاستثمارات التي يجب أن يكون مخططا لها، خاصة التي سوف تعتمد علي الغاز الطبيعي كطاقة لها مثل الاسمنت والاسمدة ومحطات توليد الكهرباء؛ وهل يجب أن تتناسب تلك الاستثمارات واحتياجات وموارد الصعيد؟ في البداية يري المهندس سامح فهمي وزير البترول ان انشاء خط غاز الجنوب والبالغ تكاليفه 7.5 مليار جنيه قام بتدبيرها الكامل قطاع البترول بخلاف الاموال اللازمة لتنفيذ الشبكات والتوصيلات الفرعية لتوصيل الغاز للمنشآت الصناعية والمنازل التي تقدر بحوالي 3 مليارات جنيه يتولي نقل غاز البحر المتوسط إلي اسوان مرورا بكل محافظات الصعيد ويصف فهمي المشروع بأنه يعتبر نيلا آخر لنقل محرك التنمية وهو الطاقة من شمال البلاد إلي جنوبها مشيرا إلي أنه مشروع قومي استراتيجي واجتماعي واقتصادي سوف يقود الصعيد لنقلة تنموية حضارية كبيرة ويترتب عليه تكوين مجتمعات اقتصادية وعمرانية. ويتوقع فهمي أن يتولي الغاز استكمال منظومة الطاقة التي تعتمد عليها المصانع القائمة والمخطط تنفيذها بالمناطق الصناعية المختلفة بالاضافة إلي المناطق السياحية في الاقصرواسوان بما يؤدي إلي زيادة معدلات النمو وحماية البيئة وسيسهم في جذب الاستثمارات العربية والاجنبية بجانب الاستثمار المحلي. ويري فهمي أنه من ضمن المزايا التي يحققها خط الغاز إلي الجنوب انه سوف يشجع عمليات البحث والاستكشاف في الجنوب. خطوط ومن جانبه، يري عمرو حسني رئيس شركة الصعيد للاستثمار أن الغاز الطبيعي لن يكون متاحا لمن يطلبه خاصة ان الصناعات كثيفة الطاقة لن تحصل علي أي تراخيص إلا بموافقة المجلس الأعلي للطاقة باعتبار أن توظيف الغاز الطبيعي لابد أن يكون بأسلوب اقتصادي وهو أن تنعكس فوائده علي اكبر حجم من المشروعات الصناعية خاصة انه يقلل من تكلفة الطاقة إلي الثلث اذا ما قورن بتكلفة الكهرباء أو السولار والمازوت بخلاف تأثيره الإيجابي علي البيئة وبالتالي يعتبر المستثمرون وصول الغاز إلي الصعيد واستخدامه في الصناعة بمثابة دعم لمنتجاتهم وتحسين لاداء تلك الشركات من خلال خفض تكاليف الانتاج. ويشير حسني إلي أن انخفاض تكلفة المنتج سوف تمنحنا القدرة علي المنافسة خاصة ان تحسين أداء المنشآت الاقتصادية يجعلها قادرة علي صد الهجوم السلعي الخارجي وعن الاستثمار الخاص بشركة الصعيد وتأثر ذلك بالغاز الطبيعي يقول عمرو حسني إنه قام بإنشاء مصنع لتعبئة وتغليف وتجميد الخضراوات باستثمارات تصل إلي 85 مليون جنيه ويتولي تصدير 60% من انتاجه للخارج معتمدا علي الغاز الطبيعي كطاقة نظيفة ورخيصة في بني سويف حاليا، مشيرا إلي أن وضع خريطة للاستثمار تحدد انواع المصانع التي يمكن ان تستفيد من الغاز الطبيعي في الصعيد صعب تحقيقه حاليا باعتبار أننا لم نصل إلي هذ المستوي بعد.. لكن ما يجب أن نحققه فعلا هو أن يصل الغاز إلي المدن السكنية والصناعية بسرعة في شرق وغرب النيل وان يتم تحديد نوعية المستفيدين منه حتي تكون له جدوي اقتصادية في المقام الأول. وعن الجانب الرسمي يقول اللواء نبيل العزبي محافظ اسيوط ان الغاز الطبيعي اعاد الحياة إلي مناطق عديدة من اسيوط فعلي نطاق المنازل قد تم التوصيل إلي 18 ألف وحدة سكنية وهو ما يحقق وفرات اقتصادية من البوتاجاز باعتباره سلعة مدعومة بالاضافة إلي وصول حجم الاستثمارات الصناعية في اسيوط إلي 7 مليارات جنيه حاليا تم اجتذابها خلال 3 سنوات فقط بعدما كان حجم الاستثمار لا يتعدي نصف مليار جنيه.